الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

الإثبات مقبل.. التسامح إمكان وإلزام

العلماء والمفكرون والمثقفون على موعد مهم يوم الاثنين المقبل مع حدث سنوي تعودوا عليه، وهو عقد الملتقى السنوي الدوري لمنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، الذي يرعى نشاطه سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، بدولة الإمارات العربية المتحدة، ويترأسه معالي الشيخ عبد الله بن بيه رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي.

موضوع الملتقى في دورته السادسة هذا العام، حيوي ودقيق هو (دور الأديان في تعزيز التسامح: من الإمكان إلى الإلزام)، أراد به الشيخ بن بيه، فتح الأذهان، وتنوير البصائر، واستنهاض الهمم، من أجل تسامح حضاري، يجمع ويقرب بين روايات ومفاهيم التسامح عند المسلمين وغيرهم من الناس.

التصور العام عن الملتقى المزمع إقامته في أبوظبي، العاصمة العالمية للتسامح، يشير في إلماحة واضحة إلى أنه قد حان الوقت إلى اعتبار التسامح إلزاماً دينياً، وواجباً إيمانياً، بدلاً من اعتباره مجرد إمكان متاح من بين إمكانات متعددة، وأن التسامح لا يتناقض مع الدين، بل إنه يرتقي ليكون جزءاً ذاتياً من الدين.


يخطئ من يظن أن الهدف من التسامح والتشجيع عليه هو إلغاء الاختلاف بين البشر، فالاختلاف سمة ثابتة، لا يمكن تجريد الوجود الإنساني منها، وما على من يريد العيش وسط هذه القناعة إلا أن يسهم في تدبير وتنظيم الاختلافات، من خلال التغلب على النوازع النفسية السلبية، والذكريات التاريخية الجمعية، وهذا ما يوفره تطبيق التسامح بين الناس جميعاً، ولا يعني ذلك تذويب الأفكار، كما لا يعني تأجيج الصراعات بين أصحابها.


القناعة كبيرة بأن رئيس المنتدى، ومؤطره سيخرج بالمؤتمرين إلى قناعات مشتركة بأن التسامح حاجة ماسة، بل ومستعجلة، وأن المنتدى وحاضريه قادرون على استحضار عوائق تعميم التسامح، ووضع الحلول الناجعة لذلك، والخروج بتوصيات وإرشادات تسعد جميع مكونات المجتمع الإنساني، وتحفظ على كل فرد توازناته الروحية والنفسية، وتحمي المجتمعات من الغلاة والمتطرفين من كل دين ومذهب وفكر، وتسهم في تبنيهم لمقاربات تسامحية فعلية، يتصالحون من خلالها مع أنفسهم ومع غيرهم، معتمدين جميعاً على طاقة الأديان، وما تتضمنه من نصوص رصينة، وتراث مستنير.