الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

الركبتان.. وشكل العالم

كان طفلاً في الخامسة من العمر عندما أخذ يمد كفيه أمامه، يحركهما يميناً ويساراً، يقلبهما على وجهيهما وظهريهما، يفعل ذلك بمنتهى السعادة والمرح قائلاً: «لدي كفَّان، وعندي أصابع، يمكنني تحريكها، يمكنني أن أمسك الأشياء، ما أسعدني».. كان المشهد مدهشاً بالفعل، يا له من نعيم أن ندرك ما نملك ونثمنه، أن نسعد بما حبانا الله به من نعمٍ ربانية، لننظر إلى الركبة وحدها، وما تسهله لنا من أمور، الركبة نعمة، لو تصورنا أننا بلا ركبة مثلاً، لن تكون هناك لعبة كرة القدم، ولا ملاعب مخصصة لها، حتى التزلج على الزلاجات، وتسلق الجبال، والقفز والجري، أو على الأقل صعود السلم، لن تكون هناك سلالم، وحتى ركوب السيارات وقيادتها، كيف لها أن تكون دون أن يكون للبشر رُكب كمفصلين يتوسطان سيقانهم.
يا إلهي، كم من الأعمال، والمشاريع والعاملين فيها، والمستفيدين منها، والمنشآت والرياضات، ستتوقف ولن تكون ولن يكون لنا بها حاجة، كم سيتغير شكل العالم إن كنا نحن البشر بلا ركبتين لكلٍّ منا، هذا إبحار في الخيال وتصور لوجه العالم مع بشر ليست لديهم ركب تحركهم، بل اتضح أنها تحرك الأعمال والمصالح والمشاريع والدنيا كلها، دون أن يلفت انتباهي ذلك الطفل الفرح بكفيه وبأصابعه.
اعتاد البشر على الشكوى والتأفف من أوضاعهم، لأنهم لا يقتنون بعض ما يريدون، لو أنهم تنبهوا لما يملكون لكانوا أكثر بهجةً وسعادة، راضون مستمتعون بالحياة، لكن الإنسان يستسلم للطمع والجشع والرغبة بالمزيد، فهو لا يرى ما بيده، ويريد ما بيد غيره..