السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

الحكايات محور حياتنا

كثيراً ما يتردد السؤال: لماذا نقرأ؟ تتنوع الإجابات وكل حسب هواه وميوله، إلا أن البقية من التساؤل الذي أجد من الأولى عدم تغافله وطرحه هو: لماذا تحوز الروايات على النسبة الأكبر من الإقبال وتجذب جمهور القراء رغم أنها قصص يحكيها لنا آخرون بتكرار لا نهاية له؟

والفرق فيها أسلوب من يصوغها ويسردها ونمط طرحه، فالعديد منها اختبرناه في حياتنا كما فعل سوانا أو سمعنا عنها بأقل تقدير، ومع ذلك نرغب في الاستماع لها مجدداً بفضول ونشوة وتلهف وكأنها المرة الأولى، ولكن ليس عبر وسيط كان في عقود وقرون سابقة يسمونه «الحكواتي»، يتجمع حوله حشد يولونه اهتمامهم، وإنما عبر رواية ورقية من كلمات أحدهم نحن من يتحكم بإنهائها، وبأيدينا نصنع علاقتنا معها لنكملها في جلسة أو على مدار أيام.

ما الجديد في الرواية إن كانت مواضيعها محصورة بمواضيع غالباً ما تكون معروفة، ومع ذلك تجذبنا إليها لنعيش بأجوائها وكأننا جمهور في مدرج يشاهد مسرحية تجري أحداثها أمام ناظريه دون أن يكون مشتركاً فيها؟


أليست هي القصة التي تسترعي انتباهنا، لأنها المكون الرئيس لطبيعتنا البشرية، ليس فقط من ناحية اجتماعية وإنسانية ودينية؟ علماً بأن أغلب الديانات على كثرتها وتنوعها لو أمعنا النظر بها لوجدناها مزيجاً من تعاليم وقصص تروى، مستهدفة الأتباع عبر فن الحكاية المثير للفضول البشري، والجاذبة لانتباههم والمثيرة لمخيلتهم والمتحكمة بعواطفهم والمتلاعبة بوجدانهم، لتسوقهم للانقياد دون تفكير بولاء التابع بعد أن يترسخ لديه شريط من أحداث جارية أمام ناظره لأمر ونهي، أو تحفيز وترهيب يقبل على اتباعه والتسليم به.


الحكايات هي ما يجعل منا بشراً يتفاعل سمعهم وحواسهم مع ما يثير مخيلتهم وفضولهم، وهي ما يثير لدينا الرغبة في التعلم والمحاولة والانتباه، وإيجاد ما نسعد ونسر بتكراره مِراراً دون ملل للآخرين، لإظهار حكمتنا ومعرفتنا أو للاستدلال، وهي ما يستدرج تطفلنا فتسوقنا لعوالم متعددة مختلفة مكاناً وزماناً، إلا أن الرواية التي تحويها بين طياتها كعمل أدبي من الصواب عدم حصر القصة عليها ولها، لأن جميع ما نعيشه ونجربه ونحلم به بأحلام يقظتنا هو في واقعه عبارة عن قصة ورواية تتكرر أحداثها معنا كبشر مهما اختلفنا.