الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

سرعان ما نسوا

قبل سنوات مضت خططت بعض الدول بمكر وخبث ودهاء لإعادة تشكيل خريطة المنطقة العربية بتعطيلها وتفكيكها، لتكون الخارطة الجديدة في خدمتها وخدمة أجنداتها الدنيئة، فقامت من خلال وسائل مبتكرة ومضللة بالعمل على زعزعة أمن الشعوب والدول، فذهبت حكومات ووقعت بلدان ثم استقر بعضها بشكل نسبي.

ولا تزال مخططات الشر والمكر تحاك سراً وجهراً ضد دول المنطقة، فكم من دماء سُفكت وحقوق ضُيعت وأموال أتلفت تحت مسمى الربيع العربي، لكن أيقن عدد كبير جداً من الناس أنها مؤامرة شريرة للإيقاع بدول المنطقة، وللأسف الشديد سرعان ما نسي الناس الأحداث وتلاشت الأفكار التي عصفت ببلدان أخرى، فتجد أن النخب في دولة ما تم احتواؤهم من خلال المال والشهرة الإعلامية ليكونوا على أقل تقدير على حياد إذا وقعت أي انتفاضة أو ثورة جديدة، أما القنوات الإعلامية المعادية فتستهدف الطبقة البسيطة من الناس بهجوم شرس ومنظم لإسقاط هيبة الحاكم ونظام الدولة.

ونسي الناس عشرات المرتزقة الذين ظهروا في الموجة السابقة للربيع العربي، وغضوا الطرف عنهم، فمن الضروري جداً أن نتذكر مرارة المرحلة الماضية وأن نتعلم من الفتن التي وقعت ونتعلم منها، وأن نكون على قناعة تامة بأن الفتن عاقبتها إلى شر عظيم، فمن يتحمل هذه الدماء إذا وقف بين يدي الله؟


إن من أكبر الأخطاء التي يرددها بعضهم أن: الحرية لها ثمن، والدماء ستوصلنا إلى ما نريد، وهو يقصد طبعاً دماء الأبرياء البسطاء، فهو يقيم في بلد آخر ويدفع بالملايين إلى حتفهم، ويحرض العامة على الثورة، ثم ينتزع الثمرة منهم ولا يعطيهم أي شيء في المقابل، لذلك كان السلف الصالح يقولون: «إمام ظلوم غشوم خير من فتنة تدوم» وكانوا يوصون الناس بالتوبة إلى الله والعودة إليه، فالظلم الذي يقع عليهم لا يرفع بالثورات والفتن.


وعلينا أن نفهم جيداً أن من غدر بنا قبل سنوات قد يغدر بنا مرة أخرى هذه الأيام وفي أي لحظة، ففكره لم ولن يتغير أبداً، بل ازداد حقده على بلدان المنطقة، وليتنا نفهم جيداً أن معارك الإعلام الجديد لا بد أن تواجه بمثلها، فإذا كانت التنظيمات التخريبية تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي لتنفث سمومها، فلنحرص على رد هذا الفكر المنحرف بالأسلوب نفسه بفضحها وتعريتها وكشفها، فالفكر المنحرف لا بد أن يواجه بفكر سليم مساوٍ وسوي.