الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

نفس النشيد بلا رأي رشيد

عندما غربت شمس الاجتهاد والإبداع وإعادة النظر لدى العرب، تحولنا جميعا إلى ببغاوات تردد الكلام بلا فهم، وغربان تنعق بما لا تسمع وتقلد ما يقال بلا وعي وتوقف النمو الفكري والعقلي تماما في كل المجالات وليس المجال الديني فقط، وصارت أمور وهمية كثيرة من المقدسات التي لا تُمس، وعلى رأسها جميعا فكرة العروبة والقومية العربية والأمة العربية، التي ظلت ومازالت فكرة حنجورية هتافية افتراضية لا ظل لها في الواقع، وقامت أساسا على التصنيف والتقسيم والصراع بين تقدميين ورجعيين، وخونة وقوميين، ورأينا الجبهات والتنظيمات والأحلاف مثل حلف بغداد، وجبهة الصمود والتصدي، وجبهة المتطرفين، وجبهة المعتدلين.

وحتى تجارب الوحدة التي قامت في خمسينيات وستينيات القرن الماضي كانت فوقية زعامية فاشلة، ولم تكن تحارب من أجل الوحدة الحقيقية ولم نر جبهة أو تنظيما في الأمة العربية قام من أجل فكرة أو عقيدة، ولكنها جميعا قامت ضد جبهات أو تنظيمات أخرى وكلها كانت ومازالت تجذيرا وترسيخا للفرقة لا للوحدة.

إن التطور الوحيد الذي حدث هو أن هذه الفرق الهالكة المُهلكة كانت تنشأ في دولة ضد دولة أخرى، والآن تنشأ في الدولة الواحدة ضد فرق ومنظمات في نفس الدولة، كفتح ضد حماس في فلسطين، وحكومة الوفاق ضد البرلمان الليبي والجيش الوطني في ليبيا، وحركات أخرى متضادة في سوريا واليمن والعراق، وبعد أن كنا نبحث في ظل ما سميناه المد القومي عن الوحدة بين دولتين أو عدة دول أصبحنا نبحث في ظل ما يسمى المد الإسلامي عن وحدة الدولة الواحدة وفي الحالين هو بحث عبثي لا قيمة له ولا جدوى منه.


وفي ظل هذا العبث اندثرت كل الكيانات الوهمية التي نشأت وولدت من رحم ما يسمى المد القومي أو القومية العربية، مثل جامعة الدول العربية ومعاهدة الدفاع العربي المشترك وكل الاتفاقيات والمعاهدات العربية الأخرى التي لم تعد تساوي الحبر الذي كُتبت به.


ومع هذا كله مازال العرب مصممين على الإنكار ويرفضون إعادة النظر والمراجعة ويبقون على هذه الكيانات التي ولدت ميته، والاجتماعات الوزارية العربية العادية والطارئة ومازالوا يرددون نفس النشيد وليس عندهم رأي رشيد!.