الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

الحقائق لا تغيرنا

في الموضوع السابق تحدثت عن جزيرة ساموا وجهود حكومتها لاحتواء انتشار مرض الحصبة، وذلك من خلال حملة تطعيم لجميع سكان الجزيرة، وبحسب آخر تحديث من الحكومة، أصاب المرض أكثر من 5600 شخص، مات منهم 81 شخصاً أكثرهم من الأطفال.

في عالم اليوم يفترض ألّا يحدث هذا، تطعيم الحصبة ظهر في ستينات القرن الماضي، وقبل ذلك كانت الحصبة تنتشر بين مئات الآلاف من الناس، وبعد ظهور التطعيم قلت الحالات، وتكاد تنعدم في بعض البلدان، وكانت الشبكة العالمية وقتها في بداية انتشارها، وبدأت تصل إلى المئات من الملايين حول العالم، وبدأت أفكار ترفض التطعيم بالظهور والانتشار في الشبكة، وهذا ما تسبب في توقف البعض عن تطعيم أطفالهم أو حتى أنفسهم، وهذا ما سمح بتكوين بيئة تسمح بانتشار المرض من جديد.

البعض ظن أن مقاومة المعلومات الخطأ يكون بتفنيدها وتقديم معلومات صحيحة ومنطقية وهذا قد يقنع القليل لكنه لن يغير الأكثرية، الحقائق لا تغيرنا بسهولة، فمن يؤمن بفكرة يعتبر نفسه عضواً في قبيلة من الناس تؤمن بهذه الفكرة، وعندما تتحدى فكرته وتطلب منه تغييرها فأنت تطلب منه تغيير قبيلته وهذا صعب، فأحياناً يؤمن الفرد بفكرة ليس لأنه مقتنع بها بل لأنه يريد أن يكون جزءاً من الدائرة الاجتماعية التي تحيط به ولا يريد أن يكون الفرد الذي يخرج عن هذه الدائرة.


لذلك فإن جهود التغيير يفترض أن تنظر للجانب الاجتماعي والعاطفي قبل أن تخاطب الفرد بالمنطق والحقائق، والجانب النفسي مهم ولا يكفي أن نواجه الأكاذيب بالحقائق، هذا يتطلب جهداً أكبر!