السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

العادل.. والمجرم

لو رصدت مشاعر الناس إذا مات بعض أهل الصلاح والتقوى وملوك العدل والرحمة والإحسان، فإننا سنجد مشاعر جياشة من الناس في محبة هؤلاء، رغم أن عدداً منهم لم يشاهد هذا الميت، بل بعضهم يبكي على أشخاص من دول أخرى، لأنه سمع عنهم العدل والإحسان بالرعية، ويبكي بعضهم على العلماء لأنه يعلم صدقهم وتقواهم لله تعالى.

والعكس صحيح، ففي الأيام الماضية تلقى الناس خبر مقتل أحد الظلمة الكبار بابتهاج بليغ جداً، فهذا الظالم دنس أراضي عربية بأهدافه وطموحاته الطائفية القذرة، وفي هذا درس عظيم لنا بأهمية السعي إلى الرحمة بالناس، والابتعاد عن ظلمهم، ومن جميل وصايا الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما لما كتب له بعضهم أن اكتب إلي بالعلم كله، فكتب إليه ابن عمر: «إن العلم كثير ولكن إن استطعت أن تلقى الله خفيف الظهر من دماء الناس، خميص البطن من أموالهم، كافاً لسانك عن أعراضهم، لازماً لأمر جماعتهم فافعل».

فكيف بمن يلقى الله وألسنة الناس تدعو عليه ليلاً ونهاراً لأنه سفك الدم الحرام، وأكل المال الحرام وفعل الأفاعيل، وهذه نهاية كل ظالم، ولكن أهل الظلم في غفلة عظيمة عن هذه النهاية، وهم في حرمان عظيم وخذلان أعظم لأنهم لم يوفقوا إلى العدل والإحسان، ولنا أن نتأمل في حال الناس في مختلف دول العالم بل وبعضهم من غير المسلمين عندما يذكرون الشيخ زايد رحمه الله، فإنهم يذكرون رحمته بالناس وحرصه على خدمة الضعفاء والفقراء، فلو سألنا الصادقين من أهل فلسطين فإنهم سيذكرون زايد بكل خير، ولو سألنا أهل مصر عن الشيخ زايد فإنهم يبادرون بالدعاء له.


وقد سمعت صديقاً لي من كوسوفو يذكر جهود الشيخ زايد بكل خير، ورأيت مرة صورة لدار أيتام في دولة أفريقية بعيدة سماها صاحب هذه الدار باسم الشيخ زايد، رغم أنه لم يتلق أي مساعدة من الشيخ زايد رحمه الله، أو أي جهة في الإمارات وإنما هي محبة عظيمة لرجل الخير والرحمة والسلام.


إن التاريخ يدون كل هذه الأمور، فشتان ما بين من ينشر الرحمة والخير، وبين آخر عُرف بتوجه طائفي بغيض، وعاث فساداً وإفساداً في الأرض، فهذا الثاني كيف سيلاقي ربه، بعد أن تلطخت يده بدماء آلاف البشر؟