السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

الأسماء الموريتانية

أسماء المجتمعات لا يمكن فهمُها إلا في سياقها التاريخي الذي أملاها، فبعض الأسماء التي يَتَسمَّى بها الأشخاص في مجتمع تبدو غريبة في مجتمعات أخرى، وهذا حال بعض الأسماء الموريتانية، فالأسماء المفردة مثل «محمد» و«مختار» (مثلاً) تتخذ اشتقاقات متعددة، وتكثر الأسماء المركبة مثل «سيدي عالي» و«محمد محمود»، ويحتفظ بعض الأسماء بالإعراب، كـ«فاطمةُ» و«محمدٌ» و«مَحموداً»، ولهذه الظاهرة أسباب لغوية كالتأثُّر بالفصحى، ودينية كالرغبة في الإكثار من اسم «محمد» ومشتقاته، فقد تُسمِّي الأسرة الواحدة اثنين من أبنائها «محمد» بتلوينات مختلفة، فتجد «محمدْ» لأحدهم و«محمدٌ» للآخر، وقد يكتبون الاسم الأخير بالنون بدلاً من التنوين.

ومن أسباب غرابة الأسماء أيضاً أنَّ القوم يُسمُّون أبناءهم على مَن يُحبُّون، وعندما تكون لهؤلاء ألقابٌ تنتقل الألقاب إلى الذين سُمُّوا بأسمائهم، وقد تغلب الألقاب على الأسماء الأصلية، فتصبح أسماء مستقلة.

فمن المعروف أنَّ الصغار يُطلِقون على آبائهم ألقابًا مثل «بَابا»، و«مَاما»، و«ابَّاه» و«الدَّاه».. إلخ، وأيضًا فإنَّ «ابَّاه» بتفخيم الباء اسمٌ، و«ابَّاه» بترقيقها اسمٌ، وكذلك الحال في «بَابَّاه» بتفخيم الباءين و«بَابَّاه» بترقيقهما، كلُّ تلك أسماء مختلفة نُطْقاً مُتَّفقة رَسْماً.


وتوجد أسماء مشتقة من الدعاء كـ «إطَوَّلْ عُمْرُو»، و«يَحِفْظُو».. إلخ. يُضاف إلى ذلك كلمة «ولد» الملحقة بأسماء الذكور، مثل فلان ولد فلان؛ أي: فلان بن فلان، فهذه الكلمة تُسبِّب كثيراً من الإرباك في المجتمعات الأخرى التي قد تعتقد أنَّ «ولد» هو الأب المباشر للْمَعْنِيِّ.


وأذكر حادثة وقعت لي في مطار هيثرو بلندن، كان معي صديق موريتاني، وكان اسم أسرته «محمد عالي» واسم أسرتي «محمد علي» وقبلهما كُتِبَت كلمة «ولد»، وكان مكانُ ميلادنا متفقاً، فأُحِلْنا إلى التحقيق، وقال لي محقق الشرطة بهدوء: هل هذا جواز سفرك أم جوازه؟ قلتُ: جوازي، قال: كيف تتفق أسماء أبَوَيكما وأسركما ومكان ميلادكما: قلتُ له: إنَّ «ولد» ليست اسماً، بل هي كما تقولون بالإنجليزية son of؛ وإنَّ «محمد علي» غير «محمد عالي»، والفرق بينهما كالفرق بين John وJohan، وبعد التحقيق خَتَموا جَوَازَينا وسلَّمُوهما لنا.

ولعلَّ هذا من الأسباب التي جعلت إدارة الحالة المدنية الموريتانية تُلغي «ولد» من الوثائق الرسمية، وحَسَناً فعلت، وأقترح عليها إثبات الأسماء بغير إعراب، وعدم تسجيل الأسماء المركبة، وتلك المشتقة من ألقاب، وسائر الأسماء الغريبة.