الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

ترامب.. وحملة من دافوس

جاء الخطاب الحماسي للرئيس دونالد ترامب في مؤتمر دافوس بسويسرا ـ21 يناير الماضي ـ موجّهاً بالأساس إلى جمهور يبعد عنه بـ 6000 كيلومتر في الضفة الأخرى من المحيط الأطلنطي، استعداداً لانتخابات الرئاسية المقبلة

وقد ذكّر بإلحاح في هذا الخطاب بالجهود النوعية التي بذلها في ولايته الأولى من أجل تحسين أوضاع العمّال، وتعزيز أدوارهم في جودة الإنتاج الوطني.. لقد تحدّث ما يقرب من نصف ساعة عن نفسه، وهو يصف كيف وجد أمريكا على حافة الانهيار فأنقذها وجعل منها جنّة عدن.

قدّم أرقاماً عن استحداثه لمناصب الشغل ومكافحة البطالة ورفع الأجور بإيقاع مفرط من الأنانية والتبجّح الفجّ، لكن المنظّمين لهذا المنتدى الاقتصادي العالمي بحضور مؤسسه كلوس شواب حاولوا تجاوز هذا الكلام، باعتباره ليس موضوع هذا الملتقى، في دورته الـ20 والمخصّص لإشكالية محاربة التحوّلات المناخية.


في المقابل، وبعد أن شعر ترامب بتضايق المقيمين على هذه الدورة، صعّد من لهجته ليجعل من موضوع لقاء دافوس غير ذي أهمية، لأن محاربة تحوّل المناخ ليست أولوية عالمية كبرى في رأيه، وأن هذا التحوّل على عكس الضجّة التي صاحبته لا يحمل تلك الخطورة التي ما فتئ يبشّر بها «المتنبؤون بالجحيم وفناء الدنيا».


يأتي سياق حديث ترامب في دافوس وهو يعي جيّداً ما قاله، ضمن دينامية المنافسة الانتخابية التي أطلقها منافسوه الديمقراطيون، وهم يعتزمون التداول في اختيار مرشحهم للرئاسة.

لقد تمّ التمهيد لذلك بتغيير شعار الحزب: «أمريكا أولاً» الذي اعتمد في انتخابات 2016 بشعار «العمال أولاً»، وهذا ما حاول ترامب الالتفاف عليه في خطابه بدافوس وهو يُعّدد خدماته لعمال أمريكا دون أن ينسى منتخبيه الإنجيليين لمّا أشار إلى أهمية الكنيسة في تقوية روح المواطنة، وتمتين روح الإحساس بالمسؤولية والقيام بالواجب.

ترامب.. منعته حساباته السياسية من الإشارة إلى المحاولة الرامية إلى إقالته من طرف مجلس الشيوخ الأمريكي، فحاول المناورة بشكل ذكي ليجعل من وجوده في منتدى دافوس مناسبة لخوض حملة إعلامية سابقة لأوانها، يعرض فيها حصيلة ولايته ومواقفه المنتصرة للأمريكيين.

دقّة هدفه الانتخابي من التركيز على رفاه الإنسان الأمريكي، حجبت أمام عينيه عن حاجة الإنسان في العالم إلى بيئة تليق بعيشه الطبيعي وأمنه الإنساني، لذلك لم يبد أي اهتمام جدّي بموضوع المنتدى المرتبط بإشكالية محاربة التحولات المناخية في العالم.

وهذا ما حذا بمديرة مؤسسة «كرين بيس» السيّدة جنيفر مورغن إلى اعتبار خطاب ترامب «تافهاً، وكأن الرّئيس يعيش في كوكب آخر، باعتقاده أن رفاه الأمريكيين قد يحدث خارج كوكب الأرض».

كما أن الاقتصادي جوزيف ستغليتس الحائز على جائزة نوبل، اعتبر أن الرؤية الاقتصادية لترامب لتحقيق رفاه الأمريكيين خاطئة، لأنها لا تأخذ بعين الاعتبار النتائج الكارثية، التي قد تجلبها تحولات المناخ على الاقتصاد والإنسان معاً.