الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

سحر المال

مثلما يستطيع المفتاح الرئيسي فتح جميع أبواب المنزل أو الفندق أو المنشأة، يستطيع المال فتح الكثير من الأبواب محكمة الإغلاق، ولا أقول كلها وإنما معظمها.

والأبواب هنا ليست تلك التي يدخل ويخرج منها الناس، وإنما أبواب أخرى، تمكن صاحب المال من فرض إرادته من خلالها.

فحتى أبواب القلوب، يستطيع المال في كثير من الأحيان فتحها، المستحيل يصبح في حضور المال ممكناً، بل ومرحباً به أيضاً.


في أحد برامج قياس الرأي الأمريكية، قام شاب يقود سيارة متواضعة بدعوة الفتايات العابرات لقضاء سهرة رومانسية معه، فباءت كل محاولاته بالفشل.


وبعدها قام فريق البرنامج باستبدال السيارة القديمة المتواضعة بأخرى جديدة وباهظة الثمن، وأعادوا تصوير المشهد في المواقع ذاته مع فتيات أخريات، فكانت المفاجأة أن أكثر من نصف الفتيات وافقن على طلبه!

وهكذا يفعل المال مع البعض، ولن أقول الغالبية حتى لا يكون الكلام مستفزاً.

إن سحر المال وسطوته وقدرته الكبيرة على شراء الذمم، وتغيير المواقف وقلب الموازين مثّل على الدوام معضلة أخلاقية كبرى، اجتهد الفلاسفة وعلماء الأخلاق في تحليلها، ودراسة أسبابها، ومحاولة معرفة السُبل التي من شأنها أن تحد من آثارها السلبية، واتفقوا جميعاً على طريقتين، الأولى هي تعزيز الجانب الأخلاقي للفرد، والثانية هي فرض سلطة القانون على المجتمع.

إذا تراخى القانون، استند الفرد إلى مخزونه الشخصي من القيم الإنسانية والأخلاق، وإذا افتقر الفرد إلى هذا المخزون، تصدت له عصا القانون، ودون هاتين الأداتين لا يمكن مقاومة سحر المال، مهما فعلنا.