الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

الدَّاعيَّة الناجح.. والنقد

في جميع الدول العربية والإسلامية يحظى الدعاة بقدر كبير من الاحترام والتقدير والثقة عند الغالبية العظمى من الناس، حيث ينظر إليهم كقدوات، وقد يكونون من أسباب توجيه المجتمع نحو الإيجابية، لذلك على الداعية إلى الله أن ينتبه إلى هذه المسألة، ويوليها أهمية كبرى، فهو لا يدعو إلى منفعة مالية أو مصلحة دنيوية، بل همّه توجيه المجتمع نحو الخير والفضيلة والتلاحم والتراحم مع توجيه المقصر بالحكمة والموعظة الحسنة، بعيداً عن التوجهات الحزبية والعنصريات البغيضة والشعارات السياسية.

ومن أهم الصفات التي على الداعية الناجح أن يتميز بها، هي: طرح ما يثير الرأي العام ويشوش أفكار الناس.. فأي فائدة من طرح خطيب الجمعة مثلاً لتاريخ الثورة الفرنسية أو الفكر السياسي عند ترامب؟.. فمثل هذه المسائل لا يحتاج إليها الناس، إنما حاجتهم إلى المواعظ والتذكير بالأحكام الشرعية اليومية في مسائل الطهارة والصلاة وغيرها.

أما أن يكون الداعية من أصحاب الإثارة وطلب الجماهير بطرح شواذ المسائل فهذا خطأ قاتل جداً ما يلبث بصاحبه أن يرديه في الهاوية، بل قد ينافي هذا الطرح إخلاص العمل لله تعالى، فشتان بين داعية حزبي شغل الناس بالسياسة وبين داعية معتدل يدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، فالأول قد يكون سبباً في تنفير الناس من الدين، والآخر من أسباب إقبال الناس على الدين.


وعلى الداعية إلى الله أن يحرص على انتقاء ألفاظه وعباراته، فالكلمة إن خرجت من الفم قد لا يمكن السيطرة عليها، بل بعض الدول يهاجم دولاً أخرى بسبب كلمة قالها أحد أبنائها، والوسائل الإعلامية المتربصة كثيرة وعديدة، والعاقل يزن كلامه ولا يلقي كلامه جزافاً.


الداعية الناجح أيضاً يتقبل النقد بصدر رحب، ولا يحمل في قلبه الغل على الناس، وتراه يطبق حقاً وصدقاً المقولة الجميلة: (رحم الله من أهدى إلي عيوبي) ولو كان الناصح قاسياً في العبارة فلا يغضب من نصيحته، ويتراجع إن أخطأ أو زل، وهو بهذا العمل يربي الناس بأهمية الرجوع إلى الله وتعظيم الحق والدليل.

ومن صفات الداعية الناجح أن يبتعد عن مدح نفسه ولغة (الأنا )، فهو يعلم تماماً أن الفضل كله لله وحده، وأن مدح النفس والثناء عليها في المجالس ليس من سمات العلماء الصادقين ولا الدعاة الربانيين.