الخميس - 18 أبريل 2024
الخميس - 18 أبريل 2024

إعادة تدوير الأفكار.. والأذكار

منذ 500 عام أو تزيد أو تقل، لم يغادر العرب إلى محطة فكرية جديدة في أي مجال، وبقينا حتى الآن وربما حتى بعد غد في محطة إعادة تدوير الأفكار، وبقيت عقولنا مقالب قمامة للأفكار القديمة التي نرددها ترديداً ببغائياً، بلا إضافة ولا حذف ولا فهم، والمضحك في مسألة توقف النمو الفكري والعقلي العربي أنك تستطيع توقع الفعل ورد الفعل والتصريحات والتعليقات والتحليلات بشأن أي قضية، فالمعارك نفسها والجدال حول قضايا المرأة والأصالة والحداثة وتجديد الخطاب الديني والتنوير والدين والعلمانية وقضية فلسطين ونظرية المؤامرة.

ليس هناك جديد لدى العرب، فنحن لا نملك فضيلة المراجعة، البيانات والتوصيات والقرارات نفسها التي لا تجد طريقها إلى التنفيذ، الخطب والهتافات والشعارات والأغاني الوطنية والأفكار والأذكار نفسها، وهذا الفعل الجمعي العربي المتجمد والمتحجر لا تمكن السباحة ضد تياره، فمحاولة التفكير خارج الصندوق العربي الذي عشش فيه العنكبوت محفوفة بالمخاطر وتواجه باتهامات الخيانة والعمالة والكفر، ويذكرني جمود العقل الجمعي العربي بمقولة الشاعر زهير بن أبي سلمى:

ما أرانا إلا نقول رجيعاً


ومُعاداً من شعرنا مكروراً


وهناك قول حكيم هو حق في كل الأحوال يقول: «من استوى يوماه فهو مغبون، ومن كان آخر يوميه شرهما فهو ملعون، ومن لم يرَ الزيادة في نفسه فهو إلى نقصان، ومن كان إلى نقصان فالموت أولى به من الحياة»، وأظن ـ وليس كل الظن إثماً ـ أن أيام العرب آخرهما شر من أولهما وأنها إلى نقصان، وكل امرئ تتوقع فعله أو قوله أو قراره لا يساوي شيئاً ولا يحسب له أحد حساباً، فالعرب لم يفاجئوا أحداً برد فعلهم على خطة ترامب للسلام ولم يقدموا بديلاً، ولا يخرج رد الفعل العربي عن القدح والسب أو المدح والإشادة، والموقفان إفلاس.

والعرب فاشلون في إصلاح ذات بينهم ويريدون إصلاح شأن وموقف أمريكا وغيرها، فالرعاة تفرقوا ومن الطبيعي أن تتعلم الذئاب الشاردة الجُرأة على غنمهم، وإذا تفرق الرعاة واختلفوا علموا هارب الذئاب التجرؤ، والعيب ليس في جرأة الذئاب ولكن في تفرق الرعاة العرب وتشظيهم إلى طوائف ونحل وجماعات وقبائل، وسنبقى طويلاً في محطة إعادة تدوير الأفكار والأذكار!