الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

غربة المختلِف في مجتمعه

في ظل عيشنا في عالم أصبح قرية صغيرة بالفعل، ومع النمو المتسارع لوسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت مجتمعاتنا أكثر عُرضة لدخول الكثير من الأفكار الدخيلة علينا، والتي غالباً ما تتعرض لرفض غالبية أفراده.

إن المجتمع عبارة عن مجموعة من البشر تؤمن بأفكار وسلوكيات وأخلاقيات ومعتقدات دينية واحدة مقبولة من الغالبية العظمى من أفراده، وتكوّن بذلك أعرافاً متفقاً عليها لا تقبل النقاش أو التشكيك.

في ظل هذه المجتمعات، يجد الإنسان المختلِف، ومن لديه أفكار مختلفة عما يؤمن به أفراد مجتمعه معارضة شديدة، لدى قيامه بطرح أي فكر جديد يحاول تصحيح بعض الأعراف أو يضعها محل التمحيص.


قليلون هم من لديهم القدرة على الاستمرار في طرح آرائهم المختلفة، وتحمُّل حملات التنديد والتشنيع، وفي ظل هذه الظروف، تكون الفلسفة بمثابة المنقذ للمساعدة في الثبات على الموقف، خاصة أن الفيلسوف يعرف جيداً أن أعراف المجتمع ومعتقداته قد تكون على خطأ حتى لو كان عمرها قروناً طويلة، لسبب بسيط وهو أن هذه الأفكار والمعتقدات لم تتعرض للتفنيد والتمحيص بشكل منطقي.


يبقى السلاح الأهم والأقوى للمجتمعات في مثل هذه المواقف، هو جمع الحشود الكبيرة لدعم موقفها والتحريض على الآخر المختلِف صاحب الأفكار الدخيلة على مجتمعهم، وليس لديّ مثال أفضل على ذلك مما حصل مع الفيلسوف العظيم سقراط الذي كان على وشك الحصول على براءته لولا إصرار الغوغاء على موته.

وينصح الفيلسوف آلان دو بوتون في مثل هذه المواقف بألّا يتخلى الإنسان المختلِف عن موقفه، قبل التدقيق في المنهج الذي توصل عبره الآخرون إلى نتائجهم.