الثلاثاء - 16 أبريل 2024
الثلاثاء - 16 أبريل 2024

التسلية العنيفة

لا بد من أن أقر بأنني لست من عشاق الرياضة، فحتى كرة القدم التي أصبحت وثن العصر، لا يروقني منها إلا بعض نهائيات العالم وقليل من المباريات الأخرى، هذا عن الرياضات الراقية مثل كرة القدم.

أما الرياضات العنيفة كالملاكمة والمصارعة الحرة ومصارعة الثيران، إلخ؛ فهذه لا أعترف فقط بأني لا أحبها، وإنما أنبذها وأخافها، وأرى أنها ينبغي أن تحظر أو على الأقل يعاد تنظيمها وضبطها لتكون أكثر إنسانية؛ إذ هي بشكلها الحالي بقية من بقايا عنف العالم القديم.

والملاكمة رياضة قديمة عرفتها بلاد الرافدين ومصر والهند، وغيرها منذ قرون كثيرة قبل الميلاد، وولع الرومان بالمصارعة، وكانوا يدربون العبيد عليها، فكان بعض المتصارعين يقتل بعضاً وسط هتافات الجماهير وتصفيقهم.


ولا تزال الملاكمة رغم عنفها وخطرها من أكثر الرياضات العالمية شعبية، وقد شاهد العالم في ديسمبر الماضي دورةً جديدة من ملاكمة الوزن الثقيل، تمكن فيها البريطاني أنتوني جوشوا من استعادة لقبه من منافسه الأمريكي ذي الأصل المكسيكي آندي رويز.


وجرى الحدث في ميدان الدرعية بالمملكة العربية السعودية، الذي بني لهذا الغرض في فترة قياسية مذهلة، واتخذت السعودية كل الوسائل والاحتياطات اللازمة لتقليل المخاطر المحتملة لهذا النزال؛ لذلك كانت هذه الدورة من أرقى الدورات وانتهت بغير أضرار أو إصابات.

لكن كثيراً من الناس ينبذ الملاكمة والمصارعة الحرة؛ لما تنطويان عليه من عنف وما تسببانه من إصابات كثيرة للمتنافسين، فوفق بعض الإحصاءات، فإن 90 % من الملاكمين يعانون إصابات في الدماغ.

ولهذا ينبغي أن تلحق بالمصارعة والملاكمة مصارعة البهائم كالثيران والديكة؛ فهذه أيضاً رياضة مرعبة وتسلية عنيفة؛ لأنها تحرض الحيوانات المسكينة على شيء لا تعرفه، وهو العنف والحرب، فالحيوانات في الغابة لا تعتدي على غيرها إلا لسبب سائغ لديها كالجوع أو الدفاع عن النفس، والنوع الواحد منها لا يعتدي بعضه على بعض، لكن الإنسان يعلمها كيف تعتدي على غيرها وعلى نوعها.

إن ديننا الحنيف ينهى عن تحريض الحيوان على الآخر، وإذا كان ذلك منهياً عنه في البهائم فالنهي عنه بين البشر أولى وأحق، لذلك آمل أن تحظر هذه الرياضات العنيفة، أو يعاد النظر في قوانينها وضبطها بما يخفف من مخاطرها، ويجعلها أكثر إنسانية ورقياً.