الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

معرفة الذات.. والآخر

عندما سُئل الفيلسوف اليوناني أرسطو طاليس: «ما أصعب شيء في الحياة؟»، فأجاب: «أن يعرف الإنسان نفسه !»، وسُئل: «وما هو أسهل شيء؟»، فأجاب: «أن ينصح غيره».

بهاتين الإجابتين البسيطتين لخّص أرسطو إزدواجية معايير الفرد في النقد والتصحيح، فهو يغفل كثيراً عن دوره تجاه نفسه، ويسارع دائماً إلى ممارسة أدواره تجاه الآخرين.

وهي اشكالية نقع فيها جميعاً بنسب متفاوتة، ولا يكاد يسلم منها أحد، فنظرة سريعة على سلوك الناس على مواقع التواصل الاجتماعي، تؤكد وجود واستفحال هذه الإشكالية، فتجد الكثير منهم يسارعون إلى إرسال النصائح والمواعظ لغيرهم، ولو تأملت واقعهم ستجد أنهم أكثر الناس انسلاخاً منها.


هذا التناقض له تفسير سايكولوجي، وهو أن وقوع الإنسان المتكرر في الخطأ يولد في نفسه شعوراً متعاظماً بالإثم والخوف من الانكشاف، الأمر الذي يدفعه دون إدراك منه للتخفيف منه وتشتيت الأنظار عنه، من خلال تتبع أحوال الناس، والحرص على إسداء النصائح والمواعظ لهم، لذلك ستجد أن أكثر الناس أخطاءً هم أكثرهم حرصاً على ممارسة الوصاية الدينية والأخلاقية على الناس، أما الصامتون فهم على الأغلب منشغلون بتصحيح أخطائهم، وتقويم سلوكهم، ولا وقت لديهم لمراقبة الناس، أو ممارسة أي وصاية عليهم.


حتى في مجال العمل، ستجد الموظف المخلص يعمل في صمت، منشغلاً بإنجاز مهامه، أما المُتسيب فستجده منشغلاً بمراقبة زملائه وتصيد زلاتهم، والتربص بخطواتهم.