الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

اعتذار بارد

من أخلاق النبلاء خُلق الاعتذار، فالخطأ وارد من كل أحد، وما أجمل أن نقابل هذا الخطأ بخُلق الاعتذار، فكلمة آسف قد تكون سبباً لخير عظيم، ولكن في بعض الأحيان قد يكون الاعتذار بارداً غير كاف لعظم الجناية وفداحة الجرم، فالخطأ هنا لا يقابل بالاعتذار، وإنما يقابل بتصحيح للفكر والمسار، فمن انتمى إلى توجه فكري وحركي وعاث في عقول الشباب فساداً وإفساداً فلا يقبل اعتذاره إلا بتوبة صادقة لله تعالى أولاً، ثم بالنصح الصادق لشباب الأمة والبراءة الشديدة من الفكر السابق، فلسنا سُذجاً ليتم خداعنا بطرق بالية، فكم من صاحب غلو وتطرف خدع البسطاء بعبارات مُوهمة وفكره لم يتغير، فكل هذا التغيير اليسير يدخل ضمن (فقه المرحلة).

كذلك يكون الاعتذار بارداً عندما يقوم بعضهم بنشر شائعة تمسُّ أمن المجتمع والدولة بحجة أنه نشرها كما وصلته، وهذا اعتذار ناقص، بل عليه أن يوضح للمجتمع فداحة ما ارتكبه من خطأ، ويُبيِّن الصواب ويحذر الناس من خطورة تصديق الشائعات، فالشهرة مهما كانت لا تسمح لك بنشر ما يزعزع أمن المجتمع.

ومهما حاول بعض مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي الاعتذار للناس بسبب نشر مواد إعلانية تتعلق بالصحة والسلامة، يظل هذا الاعتذار ناقصاً أمام الجناية التي تمَّ ارتكابها والتغرير الذي وقع بالناس.


كم من أشخاص تناولوا بعض الأشياء، لأن أحد مشاهير مواقع التواصل قام بالترويج لسلع يزعم أنها من أقوى المنتجات الطبية، فوقعت كوارث عظيمة جداً، وهذا الموضوع بالذات يحتاج إلى وقفة حازمة وصارمة للغاية، وعلى هذه الشاكلة أيضاً، نشر معلومات دينية مغلوطة توقع الناس في بدع وأخطاء أو تلبس عليهم أمر دينهم.


فالاعتذار الصادق بألا يعود ناشر هذه المعلومة إلى هذا الخطأ مرة أخرى، وأن يتحرى قبل نشر أي معلومة دينية مرة أخرى.

ومن صور الاعتذار البارد، أن يقوم بعض مشاهير مواقع التواصل بنشر مقاطع تسيء للمجتمع وثقافته الإسلامية وأخلاقه الإماراتية النبيلة بحجة الحرية المطلقة، ثم يخرج في مقطع آخر معتذراً عن إساءته، فهذا اعتذار ناقص جداً.

والعاقل يحرص جاهداً على ألا يوقع نفسه في مثل هذه المواقف المحرجة بل ينتبه لكلامه، ويضبط أفعاله وردودها، فالكلمة إن خرجت منك أَسَرتك وملَكتك وصعُب عليك التحكم فيها.