الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

أين هم الآن؟

ازدهرت الحضارة الإسلامية بين القرنين السابع والـ16 الميلادي، وكانت دمشق وبغداد والقاهرة والقيروان وقرطبة هي المراكز العلمية في العالم، وكان للعلماء شأن عظيم، يحترمهم العامة ويقدرهم الحكام، ولكن بالرغم من الإيجابيات الكثيرة لهذه الحضارة إلا أنه كانت هناك بعض النقاط السوداء.

فجابر بن حيان مؤسس علم الكيمياء ولقب بـ«أبوالكيمياء» لم يسلم من تهمتي الزندقة والسحر، لأنه كان يخلط المواد وينتج بها مواد جديدة، وأغلب الصناعات في أوروبا ازدهرت بفضل كتبه وأبحاثه، ومحمد بن موسى الخوارزمي مبتكر علم الجبر الذي يعتبر حجر الزاوية في العلوم، كتب في علم الفلك وحسب المواضع الحقيقية للشمس والقمر والكواكب، وبناء على حساباته صعدت الصواريخ إلى الفضاء وثبتت الأقمار الصناعية في السماء كما سمي باسمه فرع من الرياضيات (الخوارزميات)، والتي تستخدم اليوم في كل أجهزة الحاسوب، وكان له أن أدخل الأرقام العربية التسعة في نظم الحساب الغربية، ويكفي أنه اخترع الصفر، ولكنه لم يسلم من التكفير والتجهيل.

ابن سينا كان طبيباً بارعاً، وله أكثر من ألف اختراع في الطب وأجهزته وأدويته، لكنه هو الآخر لم يسلم من التكفير والزندقة، وكذلك الكندي وابن الهيثم وابن خلدون وغيرهم، اتهموا جميعاً بنفس الاتهامات، والسؤال هنا: لماذا لم يظهر لنا أحد بعد هؤلاء العلماء؟.. يبدو واضحاً أن الكثير من العلماء والفلاسفة والمفكرين الذي نقدمهم اليوم كـ«مفخرة» في التاريخ الإسلامي، كانوا قد تعرضوا في زمانهم لتحديات كثيرة وصلت للتعنيف والتنكيل والتكفير والقتل.


فقد بدأت تجارة البعض تبور وتضمحل، وتجارة هؤلاء العلماء تنتشر وتزدهر، فتسابقت العوائل إلى تعليم أبنائها هذه العلوم الحديثة، فبدأ تجار البوار بالقلق فحاربوا ذلك، وهم لا يعلمون أنهم بذلك يقضون على ثورة العلم والعلماء في العالم الإسلامي، لينتشر الجهل مثل كرة الثلج التي تكبر. وهنا نفهم لماذا توقف المسلمون عن النهضة العلمية؟ ولماذا التكفير خطر على الأمة؟، ولهذا عاشت الأمة الإسلامية ما يقارب 4 إلى 4 قرون في جهل وظلام. هنا يقول العالم الفيزيائي الفرنسي بيير كوري: «تمكنا من تقييم الذرة بالاستعانة بـ30 كتاباً بقيت لنا من الحضارة الأندلسية، ولو لم تحرق كتب المسلمين لكنّا اليوم نتجول بين المجرات».