الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

كورونا.. والعقول الرجعية

أحدث كورونا على ما يبدو شللاً وخللاً في أجساد الدول، وانهياراً في كياناتها الاقتصادية والاجتماعية، وألقى بظلاله على المنظومة الأخلاقية، ليفرز حالات شاذة دفعها وعيها المنخفض ورجعتيها العقلية إلى ربط المرض بالتدين، وإسقاط عبارات، لا تمت إلى التسامح بصلة، على من يختلفون معهم عرقياً ومذهبياً.

فالمتتبع لوسائل التواصل الاجتماعي يسمع بعض أصوات النشاز التي تعبر عن فرحها بنزول الوباء على شعب معين، أو فئة مذهبية محددة، معللة ذلك بأنه جزاء رباني لهؤلاء لاعتبارات تعود إلى اللون والعرق والمذهب وغيرها، وهم بذلك لا يدركون أن الوباء الحقيقي قابع في دواخلهم، لاغياً إنسانيتهم وجاعلاً شماتتهم فيروساً ينهش أخلاقهم، التي لا تمت إلى مجتمعنا المتقبل للآخر بصلة.

وحينما تظهر بيننا أصوات تنبز الآخرين بألقاب فيها صبغة عنصرية، يكون دورنا الأخلاقي والوطني كذلك هو إخراس تلك الألسن وحثها على تنظيف مخلفاتها الفكرية، التي لا تُحدث إلا مزيداً من التفرقة والعصبية والتطرف.


ولا شك في أن المرض يلتقي بالمعطيات الدينية في جانب من جوانبه، وهو موضوع الابتلاء خاصة في المجتمعات التي تؤطر علاقاتها الإنسانية بصبغة دينية، ولكن يجب ألا ننسى أن ديننا الإسلامي نبذ كل أشكال الكراهية وصيغ التفرقة المذهبية، فلا حجة لهؤلاء في هذا الجانب، فهم يقتاتون على أفكار دخيلة علينا، قائمة على الخرافات والأساطير الشعبية التي تحسن صورة فناء الإنسان بأبشع الصور لأنه مختلفٌ عنا.. أفلا يعقلون.


وكما تفعل قيادتنا التي تكفلت بنقل المواطنين العرب من الصين إلى بلدانهم، وهو الموقف الذي يجب أن نعي رسالته جيداً، مفاده أننا في وقت الشدة لبعضنا البعض، مهما كانت انتماءاتنا وأجناسنا، فكورونا وأي مرض كان.. لا دين له.