الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

اللحية.. بين الزينة والأجر

من أعجب الأقوال المنتشرة بين الناس، والتي صارت كأنها أحاديث نبوية صحيحة قول البعض: «سبحان الذي زيّن الرجال باللحى»، وهذه المسألة تدخل في جملة من المسائل التي يمكن القول فيها بقول عام هو أن الملبس والمأكل وهيئة الإنسان الشخصية بحسب ما ترشد إليه السنة الشريفة آداب لا يصح أن يدخلها أحد في العبادات التي يجب وجوباً شرعياً الالتزامُ بتنفيذها، فما تستحسنه بيئة الناس ويألفونه ويعتادونه، وما لم يخالف النص الصريح، والحكم الواضح، يظل الخيار فيه مفتوحاً للإنسان، ويدخل في ذلك موضوع المَقال، لأن الحكم في الحلق والإعفاء مختلف فيه.
لا يمكن عدم ذكر أن إعفاء اللحية مأثورٌ عنه صلى الله عليه وسلم، وأنه كان يهذبها ويأخذ من أطرافها وأعلاها، بما يحسنها، ويعتني بتنظيفها، وغسلها، وتخليلها، وتمشيطها، وتابع الصحابة رضي الله تعالى عنهم ما كان يفعله وما كان يختاره، ومن الأحاديث النبوية الشريفة الصحيحة: «أَحْفُوا الشَّوَارِبَ، وَأَوْفُوا اللِّحَى»، وحديث: «عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ، ومنها: إِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ»، وكذلك لا يمكن عدم ذكر أن الفقهاء بناءً على اختلافهم في فهم المراد من هذه الأحاديث، اختلفوا في حكم إطلاق اللحية؛ ففريقٌ مِن الفقهاء حمل الأوامر النبوية على الوجوب، بناءً على أن الأصل في الأمر هو الوجوب، وذهب فريق آخر معتمد من الفقهاء إلى أن الأمر في هذه الأحاديث، إما أن يكون للإرشاد، وإما أن يكون لما هو أفضل، وإما أن يكون للاستحباب؛ وبناء على ذلك ليس هناك إثمٌ في حلق اللحية.
وورد نص صحيح في تعليل أمر اللحية بمخالفة المشركين، ولا بد من ألا يغيب عن الأذهان أن كثيراً من أهل العلم يؤكدون على أن المخالفة الواجبة هي تلك المتعلقة بالعقائد، والخصوصيات الدينية، وليس الهيئات الجسدية، خاصة في هذه الأيام التي صارت فيها اللحية «موضة»، غير محصورة في دين، أو في سن، وصرنا نسمع أن للحية فوائد صحية، ومنها حماية البشرة من الأشعة فوق البنفسجية، وإطالة عمر الخلايا، والمحافظة على نضارة وصفاء الوجه، وتأخير ظهور التجاعيد، وصار الرجال يهتمون بها اهتماماً لافتا، يبدأ من التشكيل وينتهي بالتحديد، وغابت وسط هذا وذاك نية تطبيق الحديث الشريف، الكفيلة بكسب الأجر.