الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

المفكر.. والمجتمع

كثيراً ما يكون هناك جدال في الإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي عن الدور الحقيقي للمفكر أو المثقف تجاه مجتمعه، وما يجري على الساحة من تطورات ومستجدات، وفي مساهمته لإيجاد الحلول والمقترحات للتحديات العابرة والمتجذرة.

هناك من يرى أن دور المفكر هو توجيه الرأي العام لاتباع ما يعتقده من آراء ومقترحات، والتي بموجبها يُفترض أن يتبعها العامة، ومثل هذا الطرح أرى أنه نوع من الوصاية الفكرية على أفراد مجتمعه وفرض معتقدات يؤمن بها ولا يملك المجتمع سوى اتباعها والانقياد خلفها، وفيه نوع من تحجيم تفكير الأفراد، وأقرب مثال لهذا الرأي هو السياسي.

أجدني غير ميال لهذا الرأي الذي تكتنفه سطوة رأي المفكر الذي قد يتجاهل آراء غيره، والتي قد تكون أقرب إلى الصحة من رأيه المتفرّد.


شخصياً، أرى أن الدور الحقيقي للأديب أو المفكر هو خلق رأي عام، وليس توجيهه، فالمفكر الواعي أبعد من أن يفرض عليك رأيه، بل يأخذ بيدك من أجل أن تقوم بخلق رأيك الخاص، الذي يكون مبنياً على تفكير وقناعة.


وإن قيام المفكر بتشجيع الأفراد على ممارسة واجبهم تجاه التحديات عن طريق إعمال العقل، ستكون نتيجته خلق شريحة كبيرة من أفراد المجتمع تمتلك وعياً كبيراً وهو ما يؤدي إلى خلق حراك فكري يدافع بعضه البعض في سبيل الوصول إلى أفضل المخرجات.

يقول إدوارد سعيد: «ليس المثقف جزءاً من نخبة منعزلة بل يتوجب عليه أن يسعى إلى الوصول إلى جمهور واسع عبر المتاح من المنابر، وأن يجذب اهتمام هذا الجمهور ليثير الأسئلة ويخلخل المستتب من الأفكار والمسلَّمات».