الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

الأوبئة.. شيء من التاريخ

أصبح مرض كورونا حديث الناس وحُق لهم هذا، وعلى مر التاريخ عصفت ببعض البلدان الأوبئة والأمراض، ولنقف على شيء مما سطره الحافظ ابن حجر في كتابه «إنباء الغمر»، وهو يتحدث عن مرض الطاعون، قال رحمه الله في حوادث سنة 810هـ، وهو شاهد عيان لما وقع: «وابتدأ الطاعون بالقاهرة فبلغ في نصف صَفَر كل يوم مائة نفس، ثم زاد في آخره مائتين، وكثر ذلك حتى كان يموت في الدار الواحدة أكثر من فيها، وكثر الوباء بالصعيد والوجه البحري حتى قيل: إن أكثرهم هلكوا، وفي طرابلس حتى قيل: إنه مات بها في عشرة أيام عشرة آلاف نفس، وبلغ عدد الأموات بالقاهرة في ربيع الأول ثلاثمائة في اليوم، ثم في نصفه بلغوا خمسمائة، وماتت ابنتاي غالية وفاطمة وبعض العيال، وكان كل من طُعن مات عن قرب إلا النادر».
وذكر أيضاً أن «أهل فاس أحصوا من مات منهم في شهر واحد فكان ستة وثلاثين ألفاً، حتى كادت البلدان تخلو من أهلها، وتزايد الموت بدمشق وكان ابتداؤه عندهم في ربيع الأول فبلغت عدة من يموت في ربيع الآخر في اليوم ستين نفساً، ثم بلغ مائتين في أواخره ثم كثر في جمادى الآخرة بها، وكذلك وقع في القدس وصفد وغيرها، ثم ارتفع في آخر ربيع الآخر فنزل في الثالث والعشرين منه إلى أحد عشر نفساً».
وقال في حوادث سنة 833 هـ: «وفي رابع جمادى الأولى بلغت عدة الموتى بالقاهرة خاصة في اليوم ألف نفس ومائتي نفس، ووقع الموت في مماليك السلطان حتى زاد في اليوم على خمسين نفساً منهم، وانتهى عدد من صلي عليه في اليوم خمسمائة وخمسين نفساً، وضبط جميع المصليات في يوم فبلغت ألفي نفس ومائتين وستاً وأربعين نفساً، ووقع الموت في السودان بالقرافة إلى أن مات منهم نحو ثلاثة آلاف، وعز وجود حمالي الموتى وغساليهم ومن يحفر القبور، حتى عملوا حفائر كباراً كانوا يلقون فيها الأموات، وسُرق كثير من الأكفان، ونبشت الكلاب كثيراً فأكلتهم من أطراف الأموات، ووصل في الكثرة حتى شاهدت النعوش من مصلى المؤمني إلى باب القرافة كأنها الرخم البيض تحوم على القتلى، وأما الشوارع فكانت فيها كقطارات الإبل يتلو بعضها بعضاً» هذا بعض كلامه رحمه الله، بشيء من التصرف، فلو قارنا عدد الوفيات بفيروس كورنا بما ذكره ابن حجر لوجدنا أنه لا شيء، فلا داعي للهلع والجزع وعلينا بذل الأسباب، فاللهم اصرف عنا الشر وسيئ الأسقام.