الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

نحن عالقون في حياة الدروس

حالة الكآبة التي فرضها فيروس (كوفيد-19) على الكرة الأرضية تخلق لدينا جميعا شعورا بأننا عالقون، من الاحترازات الصحية الكبيرة التي يلتزم بها الناس، وتعليق العديد من الرحلات لدول العالم، وإغلاق مناطق بأكملها كما يحصل اليوم في الإقليم الشمالي من إيطالي، إلى إغلاق دور السينما والمقاهي والصالات الرياضيات والصالونات النسائية، كلها مظاهر لحياة متوفرة لكنها تتسرب من بين أيدينا.

على المستوى الفردي لابد وأن نمر بفترة نشعر فيها بأننا عالقون، أسباب هذا الشعور كثيرة، منها أن تتعطل بعض مسائل حياتنا في العمل أو في العلاقات الشخصية أو في المشاريع التي نعمل على إنجازها، أو أن نكون راغبين في التغيير ولا نستطيع تحقيق ما نريد، إنه شعور مرتبط بالتصورات التي نرسمها للحياة والتي نرغب، ولكننا نعجز عن بلوغها، ومرتبط أيضا بفقدان الأمان والبحث عنه، إنه شعور بالعجز يؤدي إلى اليأس، وإحساس يصعب الخروج منه، يشبه التورط في الرمال المتحركة، إذ بقدر ما تتحرك وتقاوم للخروج منها، بقدر ما يزيد انزلاقك نحو الغرق.

لذلك ينصح المختصون بعدم مقاومته حين الوقوع فيه والاستسلام له، بل والتمتع بحالة انقطاع التواصل مع الحياة أثناءه، وذلك لأن قوى العقل والجسم تكون معطلة وأي محاولة لتحفيزها أو الدفع بها نحو المقاومة والتغيير تكون أشبه بتسميم الذات من الداخل إلى الخارج.


إنها فرصة سانحة للخلو مع الذات والتفكير من جديد بعيدا عن التوقعات العالية، فرصة لأخذ استراحة والخلود إلى القوى الدنيا من الذات، فقد يكون من الحكمة أحيانا الاستسلام لفكرة أن هكذا جرت المقادير، وأن هذا الوضع هو أقصى ما يمكن الوصول إليه بعد استنفاذ كل المحاولات الممكنة وفق المتاح بين أيدينا، فليس صحيحا أننا دائما قادرون على التغيير والإنجاز وتحقيق المستحيل، فأحيانا علينا أن نترك الأمور تسير كما هي، كما ترسمها الحياة ذاتها، كما تريد لنا الأقدار.


حين نشعر بالتعب فهذا دليل أننا بحاجة إلى الراحة، وأن مواصلة الاشتباك مع الحياة بروح منهكة وبأيدي فارغة هو دخول في جولة أخرى من مسيرة الفشل، لذلك لا بد من التوقف وتغيير المسار، فربما مكابرتنا وسيرنا في طريق ما، هو فكرة خاطئة في حد ذاتها.. ماذا لو انعطفنا يمينا أو يساراً؟، ربما تكون المسارات سالكة هناك أكثر، وقد لا تكون بالجمالية ذاتها التي نطمح إليها، لكنها ربما تجنبنا الألم والمشقة والصراعات الطويلة.

الحياة ليست دائما قصص نجاح إنجازات وتفوق، الحياة أيضا دروس وعبر وحكمة الهدوء والسلام.