الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

ما نحتاج إليه لنعبر هذه المرحلة

الساعة الثانية بعد منتصف الليل.. الأفكار مبعثرة هنا وهناك، لم تجد لها موقعاً على ذلك الشريط الأحمر، الذي ازدحم بالأخبار العاجلة، وبين البيانات والإحصائيات المتجددة تراكمت الأرقام، والأفكار تحاول أن تسكن هذه الكلمات هنا.

العالم اليوم ينشغل بمواجهة تحدٍّ مشترك، تحدي انتشار فيروس كورونا، فماذا نحتاج في هذه المرحلة؟.. هل هو ذلك اللقاح؟ أم استعادتنا لعاداتنا وممارساتنا الروتينية؟، أم الوعي والإدراك واكتساب سلوكيات صحية جديدة؟، أم الالتزام بالتوجيهات والإرشادات؟ أم جميع ما سبق ذكره؟.

جل ما نحتاجه اليوم، هو السلام مع ضجيج المستجدات وسذاجة الشائعات.. السلام في الرخاء والأزمات، والسلام في الأفراح والأتراح، والسلام مع كل عسر ويسر، وهذا السلام المنتظر لا يقع بين أسطر المعاهدات، ولا على طاولة المنظمات، ولا حتى بين الحدود، ولا ارتباط له بالجغرافيا.. إنه يقع في الداخل، فالسلام الداخلي مرحلة يستطيع أن يصل لها كل إنسان، وغاية يدركها أحكم وأذكى الناس، وحاجتنا الأساسية له في كل مرحلة من مراحل هذه الحياة.


السلام قريب إن تفكرنا، فنحن نعبد معاً رباً من أسمائه السلام، واسم ديننا مشتق من السلام، ونختم صلاتنا بالسلام، وتحيتنا السلام.. تلك التحية التي هي أعمق من مصافحة قد تسهم في انتشار عدوى فيروس نحاربه معاً، ففي المعاني العميقة لإفشاء السلام عدوى حميدة تنشرها الأرواح لا الأيادي.


مخطؤون لو اعتقدنا إننا سنودع الأزمات مع فيروس كورونا، فالحياة لا تخلو من الأزمات، ولن تخلو أبدًا، فلو فكرنا معاً بالأزمات في حياتنا، لعددّنا معاً الأيام، والمصاعب، والمصائب.

لقد أجمع الأنبياء الفلاسفة والعلماء والمفكرون، على أن السلام الداخلي غاية، وخير مرحلة نتعايش معها مع الظروف، والمتغيرات، ومع كل عسر وكل يسر.

لن نجد الطمأنينة بين الفرضيات والنظريات، ولا حتى في المؤامرات، ولن نجد الطمأنينة بزوال الأزمات، ولا الصعوبات، الطمأنينة في الرضا بما قسمه الله لنا، وفي سلام نسعى لتحقيقه في داخلنا.

من ناحية أخرى، فقد توصل العلماء إلى: إن أسوا القرارات هي تلك تتخذ المتخذة وقت الهلع، وخير القرارات، التي تُتخذ في وقت الطمأنينة والسلام، لذلك فإن خير قرارات نتخذها هذه الأيام هي اتباع التدابير والإجراءات، وتجنب كل التحذيرات والمضرات، وخير مرحلة نتخذ فيها هذه القرارات هي مرحلة السلام الداخلي.. لنبحث عن هذه المرحلة، ففيها وقاية وعلاج من أخطر الأمراض، وحاجة في أصعب الأيام.