الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

واجب المشاهير في زمن الأزمات

جاء في الحديث الصحيح عن أنس بن مالك، رضي الله عنه، أنه قال: «كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أحسن الناس، وكان أجود الناس، وكان أشجع الناس، ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة، فانطلق ناس قبل الصوت، فتلقاهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، راجعاً، وقد سبقهم إلى الصوت، وهو على فرس لأبي طلحة عري، في عنقه السيف، وهو يقول: لم تراعوا، لم تراعوا».

ففي هذا الحديث بيان شجاعة النبي، عليه الصلاة والسلام، إذ خرج إلى مكان سماع الصوت في وسط الليل على عجل شديد، وركب فرساً من دون سرج، ثم طمأن الناس بأن الأمر يسير، وهذا الخُلق ينبغي أن يظهر عند الأزمات والمواقف الحرجة، ويبادر من يشير إليهم الناس، ويؤثرون فيهم التحلي بروح المسؤولية، فيقومون بتهدئة الناس وتوجيههم بالشيء النافع المفيد، والتعاون الكامل مع الجهات الرسمية.

وفي أزمة الفيروس التاجي، تظهر بعض المعادن، فبعض مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي لا يبالون بصحة الناس، فالمال هو الهدف الرئيس، فتراهم يشجعون الناس على الخروج من منازلهم وزيارة الأماكن المزدحمة والذهاب هنا وهناك، ضاربين بتوجيهات الجهات الصحية عرض الحائط، فالعرض المقدم له، قوي للغاية، والكسب المادي لا يمكن تفويته، وهم فوق هذا كله لا يتعاونون مع الجهات المختصة لنشر رسائل التوعية والوقاية من فيروس الكورونا، بل قد ينشرون معلومات من غير مصادرها الرسمية، فهذه الفئة لم تتمتع بروح المسؤولية، وهي تبحث عن بريق الشهرة والمال في كل الأوقات، فالحذر الحذر منهم.


بينما نجد في الطرف الآخر بعض مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي، يضع كل ما يقدر عليه، رهن إشارة الجهات المختصة، وهو لا يريد بذلك جزاءً ولا شكوراً، فروح المسؤولية عنده عالية للغاية، وصحة الناس غالية، وكلماته جميلة ومنتقاة، فلا تهويل ولا جزع، مع التحذير المعتدل من الفيروس وأضراره، فهذا الوعي مهم للغاية في هذه الأوقات، وإن لم يتعلم بعض المشاهير في مثل هذه الأوقات، فمتى سيتعلمون؟


ولا يقتصر هذا الواجب على المشاهير فقط، بل يمتد إلى أهل العلم والفكر والثقافة والرياضة وغيرهم، فلا بد أن يظهر أثرهم الإيجابي على الناس في أوقات الأزمات، خاصة بالتعاون الكامل مع الجهات الرسمية، و قد قال النووي في شرح صحيح مسلم: «ينبغي للعالم والرجل العظيم المطاع وذي الشهرة، أن يُسكِّن الناس عند الفتن، ويعظهم ويوضح لهم الدلائل».