الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

فيروس كورونا والفضيلة الغائبة

أمَّا فيروس كورونا وعائلة تلك الفيروسات فقد أضحت معروفة لدى كل منّا، ربما بقدر أفضل من معرفته بعائلته الشخصية هذه الأيام، ومرد ذلك إلى الخوف الذي وصل إلى مرحلة الذعر والهلع مما يسببه هذا الفيروس الخطير من مهالك، وبدون رؤية مستقبلية واضحة لأي جهة يمضي.

لكن ماذا عن الفريضة الغائبة، وهل نعني بها فريضة الجهاد؟

نعم، أنه الجهاد، لكنه جهاد في موقع وموضع آخر، أنه جهاد في ميدان البحث العلمي، من أجل استنقاذ البشرية التي بدت وكأنها عاجزة عن فعل أي شيء في مواجهة هذا الخطر الرهيب.

الأيام القليلة الماضية، راجت على صفحات التواصل الاجتماعي صورة لعالمة بيولوجية أوروبية تخاطب المجتمع الدولي في لهجة توبيخ وتأنيب بالقول: "إنكم فضلتم أن تدفعوا ملايين اليوروهات للاعبي كرة القدم، والمئات الشحيحة لنا.. اذهبوا إذن إلى هؤلاء ليجدوا لكم العلاج الواقي والشافي من كورونا".

العبارة السابقة بما فيها من سخرية لاذعة ومريرة، تضعنا وتضع العالم كله أمام حقيقة ضرورة إعادة ترتيب سلم الأولويات بالنسبة للبشر، حيث لا بُدَّ للعلم والعلماء من أن يتسنموا قمة هذا الهرم القيمي، فقد أثبتت تجربة كورونا، أن حياة الإنسان موصولة بالجنود المجهولين في معامل الاختبارات من أجل التوصل إلى حلول ناجعة لأمراض البشرية.

يعني لنا التساؤل ما الرابط بين إشكالية الاستثمار في البحث العلمي وأحوال الثورة الصناعية الرابعة؟

يضيق المسطح المتاح للكتابة عن سرد أبعاد تلك الثورة، والتي تُثير الكثير من القلاقل عند البشر من جراء إمكانيات واحتمالات الاستغناء عن العنصر البشري لصالح الآلة، لكن على الجانب الآخر، لا يمكن لأحد أن ينكر أن مزيداً من الاستثمار في البحث العلمي، يعني وبكل تأكيد، المزيد من الوسائل التي تيسر من حياة الإنسان عبر المخترعات العلمية الجديدة، سواء منها ما يتعلق بصحة الإنسان ومكافحته للأمراض، أو ما هو موصول بطرق انتقاله حول الكرة الأرضية، وصولاً إلى ارتياده إلى الفضاء، وعلى سبيل المثال لا الحصر، أضحت البشرية اليوم غير قادرة على الاستغناء عن شبكة المعلومات العنكبوتية أو الإنترنت ولو في صورتها الأولية الحالية، فيما وعن قريب سيدخل البشر زمن ما يعرف بإنترنت الأشياء وليس أجهزة الحاسوب فقط.. ماذا يعني ذلك؟

باختصار غير مخل، سوف يتمكن الإنسان من إدارة وترتيب شؤون حياته في المنزل والمصنع والعمل، في نومه وصحوه عبر شبكة معلوماتية موصولة بكل شيء يستخدمه، فعلى سبيل المثال، أنت لن تضحى مرغماً على النزول من بيتك لتسخين موتور سيارتك، إذ ستقوم الآلة بفعل ذلك تلقائياً عند ساعة معينة من الصباح كما تمت برمجتها.

الثلاجة التي في منزلك، سوف تغير درجة حرارتها تلقائياً وفقاً لأحوال الطقس الخارجي، أمّا الموقد فيستطيع تسخين الأكل الذي تتطلع لتناوله قبل أن تصل إلى منزلك بثوانٍ معدودات.

وعندما يتعلق الأمر بمجالي البيئة والتنمية المستدامة، يمكن للأجهزة القائمة على تقنية إنترنت الأشياء بما في ذلك أجهزة الاستشعار، أن تساعد بشكل كبير على الحد من تلوث الهواء.

ما الذي يعيق الاستثمار في البحث العلمي في عالمنا العربي؟

ربما عدم إعطاء السياسات العلمية للبحث والابتكار دوراً مهماً في الخطط التنموية والاجتماعية للبلدان العربية، وضعف الإنتاج العلمي العربي، وعدم تحويله إلى منتجات ذات قيمة مضافة للتنمية الاقتصادية.

هل يمكن اعتبار فيروس كورونا جرس إنذار يبين لنا أهمية تلك الفريضة الغائبة؟