السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

قد يحدث

يحدث أنّ عدوّ الأمس يصبح حبيب اليوم، وحبيب اليوم يصبح عدوّ الغد، ويحدث رغم أنف الوفاء والحب الذي غرسناه وبذلناه، ورغم قلوبنا المعلقّة بتلابيب الحنين، أن يسقط الأصحاب ورقة تلو الأخرى كأوراق الخريف، وإن الحقيقة الباقية هي: كلما تقدم بنا العمر سيقل عدد الأصدقاء.
أحياناً، حينما نخلو لأنفسنا، وتتناوشنا رياح الذاكرة، وتتطاير منها صفحات أثيرة من فصولها، تتوق الروح لأحدهم، لشخص يعرف كيف يتسلل إلى روحك المبعثرة ويجمعها بقبضة من عطره، فتلح عليك رغبة شديدة في التحدث إليه أو الالتقاء به، وتراودك أسئلة كثيرة حوله، من مثل: تُرى ماذا فعلت به الحياة، وهل يتذكرك كما تذكره الآن؟ تود لو تستحضره كأي مطلوب أمنياً، لتبثّ له ما في خاطرك من وجع بلا تحفظ، وتسترجع معه بعض ذكرياتكما المشتركة، تتحرر أمامه من كل قيودك الجديدة وهموم وسخافات ومفارقات حياتك اليومية؛ أو لينتشلك من غربة الذات التي تحاصرك بالرغم من كثرة المعارف والأخلاّء!
تتملكك الرغبة المجنونة في عكس عقارب الزمن، لكي تسترجع معه عطر صحبتكما معاً، هنا، وفي أتون دورانك في هاته النوستالجيا قد تضحك تارة وربما تبكي تارة أخرى.. وربما تقهقه حتى تدمع عيناك، أو تشهق حيناً من قاع روحك لموقف كنت قد نسيته ولا تكاد تذكره واستعاد لك صديق عمرك البعيد بأدق تفاصيله، فتفتح عينيك على اتساعهما وتصفّق بيديك حسرة وأسفاً على ما سقط من ذاكرتك، لتكتشف أن ذاكرتك ما عادت وفية لك، ولكنك سرعان ما تفرح وتستكين روحك، حينما تجد جزءاً من ذاكرتك الخاصة لا يزال محفوظاً في ذاكرة أحبتك!