الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

ماذا سنفعل اليوم التالي؟

من المهم التوقف عند التقرير الأخير الصادر من منظمة العمل الدولية، والذي رصد مبدئيا تأثير الأزمة الاقتصادية وأزمة الوظائف التي أحدثها انتشار وباء كورونا، وتوقع أنها يمكن أن تؤدي إلى زيادة أعداد العاطلين عن العمل في العالم بنحو 25 مليون شخص.

تدعو الدراسة إلى اتخاذ تدابير عاجلة وواسعة النطاق، ومنسقة في ثلاثة محاور: حماية العمال في مكان العمل، وتحفيز الاقتصاد والتوظيف، ودعم الوظائف والدخل.

يواجه العالم الآن أزمة حقيقية، وهي تتطلب ـ كما يقول كل الزعماء والقادة ـ تضافراً حقيقيا وصادقا في الجهود وتنسيقها بين كل دول العالم، بكل ألوانها وأطيافها، ويظل الرهان على مدى جدية هذه الإعلانات التضامنية المتبادلة بعد انحسار مظاهر انتشار الفيروس.


في ظني أن الأزمة الحقيقية لم تبدأ بعد، والتحدي الحقيقي هو تحدي «اليوم التالي»، أو “The day after”كإسم الفيلم الشهير الذي عرض لوضع العالم في اليوم التالي بعد ضرب العالم بالقنابل الذرية.


وقد يكون من قبيل المبالغة المقبولة، أن نصف المرحلة التالية لانقشاع الفيروس كاليوم التالي للتفجير النووي، على الأقل في ابعاده الاقتصادية وأثره على منظومات الصحة في كل العالم.

كما ذكرت سابقًا، فان التأثيرات الاقتصادية لكورونا تتخطى بكثير الآثار المباشرة للفيروس ذاته على صحة وحياة البشر، وهذا ما يجب أن يكون حاضرا في أذهان صناع القرار والسياسة في منطقتنا.

نحتاج جميعا الآن أكثر من أي وقت مضي لمناقشة سبل التصدي لرياح الأزمة الاقتصادية العالمية، والتقلبات الشديدة التي سيشهدها اغلب الاقتصاديات، والتي بدأت مقدماتها عندما عصفت رياحها بأسواق المال وأسعار المعادن، وأضرت بفرص النمو العالمي علي كافة المستويات.

واستناداً إلى السيناريوهات المختلفة لتأثير وباء كورونا على نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي، تشير تقديرات منظمة العمل الدولية إلى ارتفاع البطالة العالمية بنسب تتراوح بين 5.3 مليون (السيناريو «المتفائل») و24.7 مليون (السيناريو «المتشائم»)، وذلك زيادة على عدد العاطلين عن العمل في عام 2019 وعددهم 188 مليوناً، وللمقارنة، أدت الأزمة المالية العالمية 2008-2009 إلى زيادة البطالة في العالم بمقدار 22 مليون شخص.

في أوقات الأزمات كالأزمة الحالية، يجب العمل على تخفيف الضرر واستعادة ثقة الناس. الحوار المجتمعي، والمشاركة مع العمال وأصحاب العمل وممثليهم، أمراً مهماً جداً لبناء الثقة.