الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

إعداد القادة.. والترف الفكري

مراعاة الفروق بين المهارات أمر مطلوب، فلا يمكن إهمال أصحاب المهارات المتوسطة أو العادية وكذلك لا يقبل بحال تضييع أصحاب المهارات العالية، فالاستثمار في إعداد القادة والنخب من أهم المهمات، خاصة إذا كان عدد السكان قليلا، فهذا العدد إن كان فيه عشرة آلاف من النخب وأصحاب الجد والاجتهاد فإن حال المجتمع سيتغير كثيرا.

ومن أهم النقاط في إعداد النخب أن يتم إفهامهم أن التميز لا يعبر إليه إلا على جسر من التعب، فمن استسهل الطريق سينقطع عنه حتما إذا بلغ منتصفه، فإذا أردنا إعداد نخبة من الأطباء فلابد أن يكون عندهم وعي وإدراك أن الطبيب المتميز لابد أن يتعب وسيجد بعدها طعم الراحة وسيجني عاقبة تعبه، ولو أردنا إعداد عدد من المهندسين المتميزين فلابد أن يعلموا بأن الطريق صعب وشاق ولكن " كل من سار على الدرب وصل"، ومن أهم المسائل في إعداد النخب وضع خطة وآلية واضحة، فمع وضوح الخطة سيتحقق الهدف خلال سنوات وبجهد أقل وبإنفاق مالي مقبول، أما لو كانت الخطة ضائعة وغير جادة فالجهود ستذهب أدراج الرياح، والأموال الطائلة لن تخرج لنا أي متميز، ولن يتم اكتشاف هذه الحقيقة إلا بعد سنوات بعيدة ثم يتم تشكيل لجنة أخرى لضبط المسألة فنقع في نفس الخطأ، والأمر يتعلق بهدف وطني عظيم جدا وبعد استراتيجي عميق وليست الفكرة ترفا فكريا بل هي ضرورة ملحة لابد أن تحقق.

ويمكن أن يتم انتخاب ألف من طلاب الثانوية العامة كل سنة، وتوزيعهم على مختلف التخصصات وتوضع لهم برامج تناسب مهاراتهم العالية، وفي بضع سنوات ستكون الثمرة جاهزة بإذن الله، كما يجب أيضا تدريبهم حتى وإن تخرجوا من مرحلة الدكتوراه، فالبحث العلمي لا يقف عند عمر معين، والأمر كله في غاية اليسر بإذن الله إذا أسندت إدارة المسألة إلى جهة تعرف كيف تستثمر في أبنائها، ومن المهم أيضا توفير الحوافز والأجواء المناسبة لهم، فهل يعقل أن يكون راتب طبيب جراح متخصص أقل من راتب لاعب الكرة بعشرين مرة؟!،


وهل يعقل أن تكون الحوافز المقدمة لعبقري في الهندسة لا تمثل إلا شيئا تافها من الهدايا المقدمة لبعض عارضات الأزياء في مواقع التواصل الاجتماعي؟!