الثلاثاء - 23 أبريل 2024
الثلاثاء - 23 أبريل 2024

التضامن الإنساني

"معادن الناس تظهر في الشدائد"، مقولة طالما رددتها ألسننا ولم نجد لها تصريفا أكبر من الشدة التي تمر بها الإنسانية اليوم، حيث يتربص بنا عدو شرس لا نراه من صغر حجمه، ولكنه استطاع أن يزرع بذرة الخوف في قلوبنا، واستطاع أن يوقف عجلة الحياة والاقتصاد، وأن يدخل العالم في فصل غير مسبوق من المجهول.

لم يعد للعالم حديث سوى عن جائحة كورونا، وما تخلفه يوميا من أعداد إصابات ووفيات، وما سوف تخلفه مستقبلا من ركود اقتصادي، وفقدان وظائف وارتفاع نسب البطالة وغيرها.

لكن، وعلى الرغم من هذا الواقع المظلم، تظهر طاقة نور متجسدة في روح التضامن الإنساني والاجتماعي الذي عبرت عنه مؤسسات وأفراد، ممن سارعوا، منذ أول يوم للأزمة للإسهام في صناديق التضامن، ولتقديم يد المساعدة للفئات الهشة إعمالا بتعاليم الدين الإسلامي الذي يحث على التكافل والتعاون والتراحم، وإعمالا بمبادئ التضامن التي أكدت عليه الدساتير الوطنية والمواثيق الدولية والقرارات الأممية التي حددت "التضامن" بصفته أحد القيم الأساسية والعالمية التي ينبغي أن تقوم عليها العلاقات بين الشعوب في القرن الحادي والعشرين.


والتضامن بهذا المعنى لا يقتصر فقط على الأفراد داخل نفس المجتمع، ولكن أيضا على الدول والشعوب فيما بينها، فعندما أعلنت منظمة الصحة العالمية حالة الطوارئ الصحية العامة قبل أكثر من شهر، فقد كان هدفها هو تقديم المساعدات الضرورية للدول ذات الأنظمة الصحية الضعيفة والهشة.


وكما عهدنا في دولة الإمارات الشقيقة فقد كانت من الدول السباقة لتقديم الدعم والمساعدة لجيرانها وأشقائها، بغض النظر عن الاختلاف الديني والمذهبي، أو الخلاف السياسي أو البعد الجغرافي، وقد أرسلت الإمارات أطنانا من المساعدات الطبية ومواد الإغاثة إلى إيران وصربيا وكرواتيا وأفغانستان والصين وغيرها ضمن الجهود العالمية للحد من انتشار الفيروس.

وفي بادرة إنسانية لافتة، رأينا صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، يناقش مع بابا الفاتيكان أهمية تعزيز التضامن والتعاون العالمي في مواجهة الفيروس والتعامل مع تداعياته.

ورأيناه يكسر الموقف الخليجي - العربي ويتصل بالرئيس السوري بشار الأسد ويناقش معه تداعيات انتشار فيروس كورونا، ويؤكد له دعم الإمارات ومساعدتها الشعب السوري خلال هذه الظروف الاستثنائية، وهذه هي الروح الإنسانية التي نحتاجها جميعا في هذه الأوقات العسيرة.

لا شك أن العالم يمر بمحنة حقيقية لابد من مواجهتها بشكل مشترك ومن منطلق إنساني محض، فالخطر لا يهدد شخصا دون آخر ولا أمة دون أخرى، ما يجعل الحاجة الى الجهود الجماعية والتضامن الإنساني أكثرا إلحاحا من أي وقت مضى.