الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

ما أبغضها من عنصرية

وقف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع أمام جمع كبير من مختلف قبائل العرب، والتي كانت قبل الإسلام تتفاخر بأحسابها وأمجادها، فأمام هذا الجمع العظيم خطب عليه الصلاة والسلام في يوم عرفة قائلاً: «إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع».

وهكذا يبين سيد الثقلين عليه الصلاة والسلام بطلان عنصرية الجاهلية، بل قال عليه الصلاة والسلام: «قد أذهب الله عنكم عُبِّيَّةَ الجاهلية وفخرها بالآباء، مؤمن تقي، وفاجر شقي، والناس بنو آدم وآدم من تراب»، وهذا تنبيه عظيم لمن ابتلي بهذه الأمراض، لذلك لزم الصحابة الكرام والرعيل الأول من هذه الأمة وأهل الصلاح والخير وصية الإسلام ببطلان هذه المسائل.

والعجب العجاب، أن تسمع من بعض من يصور نفسه دائماً في مواقع التواصل كلمات فيها عنصرية بغيضة جداً، فأحدهم يحتقر جنسية معينة ولا يراهم شيئاً، وبعضهم يتحدث عن المقيمين في بلاده وكأنهم أعداء ويكاد يصرح بوجوب إخراجهم من البلاد وينظر إليهم باحتقار وازدراء مع تعميم ظالم جائر، ونسي أن الفضل كله من الله وحده، والعاقل لا يقابل نعم الله عليه بهذه الكلمات الفارغة، ولكن النفوس إذا لم تتطهر من أمراضها نطقت بالكلام القبيح، وكم في المقيمين من أصحاب وفاء وفيهم أهل خبرة وشهادات وصلاح وورع وتقوى، ثم إن هذه المسألة برمتها موكولة إلى ولاة الأمر، فهم أدرى بمصلحة البلاد والعباد، ومن الكلمات الجميلة للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، لما سئل عن الوافدين في الإمارات فقال: «الرزق رزق الله» وهذه كلمة تختصر أجوبة كثيرة، وأذكر أن أحد الإخوة العرب سألني مثل هذا السؤال فأجبته بنفس الجواب فسكت مباشرة.


فعلينا أن ننتبه لألفاظنا وكلماتنا، فالأمر شرع ودين وأدب وذوق وأخلاق، وفي صحيح البخاري عن المعرور بن سويد قال: «لقيت أبا ذر بالربذة، وعليه حلة، وعلى غلامه حلة، فسألته عن ذلك، فقال: إني ساببت رجلاً فعيرته بأمه، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: يا أبا ذر أعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك جاهلية، إخْوَانُكُمْ وَخَوَلُكُمْ، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده، فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم».