الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

«يَحدث أن».. تأملات ووقفات

يحدث أن تتلقفك دوّامة الزمن والتحديات، والآمال والطموحات، ولا تُخلّي سبيلك حتى تصبح قابَ قوسَين أو أدنى من واحة الغروب..! آنذاك ستسأل ذاتك المجهدة: أحقاً تلك واحة الغروب..؟ أم استراحة محارب يترقب بشوق شروق قادم..؟

يحدث أن تفرض عليك الحياة الوقوف هُنيهة في المنتصف قسراً وجبراً، مكاشفاً ذاتك أمام مرآتك، متأملاً ما أحدثته الأيامُ بملامحك، مستحضراً عُصارة الرحلة وخلاصة المطاف، سابراً أغوار الفؤاد، مقتفياً أثر الوهن فيكَ لتعيد ترميمه، واقفاً على نواصي الأمل رغم ما يحتويك من ألم، مكافئاً ذاتك بما خلّفته التجارب فيك من مواطنَ قوّة، ففي مرآتك التي استوقفتك يكمن سرك المكنون، آنذاك ستحدثها بصوتٍ خافت: لَأن تأتي لحظة المكاشفة لذاتك جبراً، خيرٌ من ألاَّ تأتي طوعاً..!

يحدث أن تأخذك الأقدارُ بلا موعد الى حيث شاءت، وتتواصل عن بعد مع نبلاءٍ جادَ عليك بهم الزمن على قلّتهم، رفقاء دربِ كانوا لك ومعك على الأمل والألم متحدون، مرابطون على ثغور النقاء ونواصي الوفاء وشواطىء الإكتفاء، لتولد على أيديهم من جديد فى زمن المحن، لتعبر بهم ومعهم الى رحاب المنح، آنذاك ستحدث ذاتك: كيف لي أن أرد دين من منح عمري عمراً جديداً فى زمن الشح الشديد..!


يحدث أن تتأمّل في عزلتك وغربتك وأسرك الفسيح، فتجد شاشة الحياة أمامك زاخرة بأقاربَ كانوا متباعدون وهم اليوم نادمون، وآخرون متنفّعون مواصلون، ديدنهم الدينار ولم تصلهم بعد رسالة جلل الخطوب. تمعن بنظرك باحثا عن أصحاب المكانة وصناعَ الأمل، لتكتشف أنهم في ندرة غياب بلا إيابٍ رغم ما حل بالبلاد والعباد، آنذاك ستحدث ذاتك: أما آن للفارسِ أن ينآى بنفسه في قادم الأيام عن رحى المعارك، ليأويَ إلى ركن الرضا والسلام، وراحة البال وقائمة الإهمال، وسكينة مستدامة مع نفس مطمئنة قانعة قرأت الكتاب حتى منتهاه فعلمت ولزمت..!


يحدث أن تُلقي برأسِك المثقلِ بعد يوم طويل قصير فى عزلة عالمك الإلكتروني، فإذا بشريطِ الحياةِ يمرّ أمام عينيكَ، وأطياف من تشتاقهم حولك حاضرون وأنت فى حضرة الغياب، آنذاك ستحدث ذاتك: كيف تم السطوِ على سِنِين العمر مع سبق الإصرار..؟ كيف مضت السنوات بينَ المسافرين وفي صالاتِ المغادرين؛ واليوم مقعدي مع الحنين نتشارك أنين الصامتين الصابرين المتفائلين..! ألم يأن الأوان لأترجّل من جديد..!