الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

كورونا.. تقارب وتباعد

لا يزال كورونا صاحب الكلمة العليا في عالمنا اليوم مستمراً في فرض طغيانه وجبروته حتى على أكبر الدول واعتاها عدة وعتاداً، وقام بتركيع دول عظيمة، قررت في لحظة سذاجة أو غرور، عدم أخذ الوباء على محمل الجد، فأجبرها على تقديم الاعتذار والانصياع لكبريائه ودفع الضريبة مضاعفة.

إذا ما كان فيروس كورونا يستحق أن نُطلق عليه لقباً ما، فإنه يستحق لقب «مُفرّق الجماعات»، فقد نجح في تفريق البشر عن بعضهم البعض، حتى بين المرء وزوجه، والابن وأبيه، كما نجح أيضاً في منع المصلين من جميع الأديان من الذهاب لأداء صلواتهم في دور عبادتهم.

هذا التباعد الإجباري، أجبر الجميع واضطرهم للتواصل «عن بُعد»، على كافة الأصعدة، سواء على المستوى الفردي أو المؤسسي، أي نعم!، نجح كورونا في مباعدة البشر، لكن وجد البشر طرقاً بديلة للتواصل رغم كل الظروف متسلحين بغريزة حب الحياة والبقاء والتواصل مع الآخر.


وإحدى إيجابيات كورونا، أنه أجبر الشركات والمؤسسات على تسريع عملية الانتقال للعمل عن بُعد خلال أيام قليلة، في حين أن الدراسات السابقة كانت تقترح لسنوات طوال القيام بمثل هذا التحوّل، كما أنه وجه إنذاراً شديد اللهجة لتلك الدول التي غفلت لسنوات طويلة عن تحديث أنظمتها الصحية وتناستها.


وقام بالكشف عن الهوة الكبيرة التي قد تحدث بين بعض الدول التي لم تواكب التطور التكنولوجي الهائل، وبين من يُواكب آخر ما توصل له العلم والتكنولوجيا، ورغم ظلامية الموقف، إلا أن هناك كثيراً من الإيجابيات التي خرجت بها البشرية، لذا ينبغي أخذ جميع الدروس المستفادة على محمل الجد.