الأربعاء - 24 أبريل 2024
الأربعاء - 24 أبريل 2024

كي لا تسقط أسماؤنا

فكرت طويلاً، ثم تساءلت: تُرى كيف نام ذلك الأب بعد مشاهدته للفيديو، الذي تبرأت فيه ابنته الشابة منه ومن اسمه ومن كل شيء يتعلق به؟ وكيف استطاع أن يجلس مع أصدقائه في المنفى الذي اختاره شخصياً، مفضلاً إياه على وطنه الأم؟ وهل استرجع كلماتها، حزنها الطويل، ووجهها الشاحب، وشعورها بالعار منه؟

لو كنت مكانه لوافقت على إلغاء اسمه من بطاقتها، لأنه قيل مرة أن أسماء آبائنا وضعت بعد أسمائنا حتى لا نسقط، ولكن هذا الأب أسقط أسرته بكاملها بسبب توجهاته السياسية ضد وطنه، وهروبه إلى دولة أخرى، ما يدلل على أن هذا الرجل لم يخلق ليكون أباً، وقد سبب طعنة من الألم في قلب أبنائه، وبالذات إلى ابنته التي ظهرت عبر مقطع فيديو انتشر كالنار في الهشيم، في مختلف قنوات التواصل الاجتماعي.

حينما توفي والدي ـ يرحمه الله ـ قبيل أربعة أعوام، أتذكَّر تلك اللحظة القاسية المريرة التي قلتها لمن حولي في المستشفى: «أبي لم يضربني أبداً، ولم يقل لي كلمة تقلل من شأني أبداً، كان أباً عظيماً».. كنت أتحدث دون تفكير، كل ما كنت أراه والدي بابتسامته البشوشة، وطيبته المفعمة، وكان حتى نهاية عمره ينظر إليّ بإعجاب كبير، ما زلت أتذكر كيف كان يضحك ملء قلبه على النكات التي كانت شقيقتي تخترعها، مهما كانت بلا طعم أو مغزى.


عزيزي الأب قبل أن تفكر بنفسك وبأحلامك وأمنياتك، عليك أن تفكر جيّداً بأن لك أبناء، عليك أن تجعلهم فخورين بك، إنني أشعر بالألم تجاه الآباء والأمهات الغارقين في حب أنفسهم، متناسين أن لديهم أبناء لا يريدون أن تسقط أسماؤهم.