الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

في سيرة الحب

من سيكولوجية الحب الحقيقي، أنه يحرث في عمق الذات، يصقلنا، يؤدبنا، يفتح نوافذنا المغلقة، ليملأنا نوره ويسبغنا بكراماته، يعيد ترتيب دواخلنا المبعثرة، يعيد تشكيل أفكارنا ونظرتنا لمجمل الأمور في الحياة، وكأنه يعيرنا عدسته المشرقة، لنسشعر الاستقرار ودفء الأمان وهداة النفس المتعبة، الحب.. هو الوحيد الذي له القدرة على تطويرنا للأفضل وتجديد شغفنا بالحياة، فإن لم يستطع إحداث ذلك التغيير فينا؛ فحتماً إن الذي نعيشه ليس حباً!

يقول جلال الدين الرومي في تأثير الحب في الإنسان: «الحب قصة تَحوّل غير متوقع، ولو بقينا الشخص ذاته قبل أن نُحب وبعده فهذا يعني أن حبنا لم يكن كافياً».

فكيف يتحول المفتاح إلى قيد فجأة؟ وكيف تلاحقنا فكرة الهروب منه، وقد كان هو الملجأ وملاذنا الآخير، وربما الوحيد؟


وكيف تكبر فينا مشاعر الخذلان وتتكدس ألواح الثلج في قلوبنا في صيرورة احتراق المشاعر، فلا تعود قصص الحب في نظرنا سوى مسرحيات هزلية مملة!


ولا يعود ثمة مفازات من تيه وخذلان، ومحجر العين يغدو كبركة دم راكدة؛ لا ملمح لشغف ما، ولا أثر لربيع قد مررنا به يوماً!

فالحب، إن لم يمنحنا أجنحة للتحليق عالياً في سماوات أحلامنا وأمنياتنا، إن لم يكن هو الدرع الذي يحمينا من توحش الحياة ويبقينا على حد الإنسانية، إن لم يقتلع من قاع أرواحنا خرائب الفصول الموحشة قبل أن نعثر عليه، إن لم ينشر عطره بنفحة الحياة فينا.. لا يعوّل عليه!