السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

أشهرٌ من عزلة..

المرآة التي نطمئن من خلالها على ملامحنا بين وقت وآخر ضجرت من قلة زياراتنا لها، تكاد إن حدقنا بها لا تعرفنا، فقدنا بعض ملامحنا، واشتاقت المرآة إلى أناقتنا، وألوان الحياة على أجسادنا.

الحياة بلا ضجيج ولا حركة، الدروب الصامتة أمام منازلنا بلا خطى بشر وبدون صخبهم، الشوارع تكاد تخلو من المركبات، المحال المقفلة، المطاعم التي وضعت مقاعدها الخشبية فوق طاولاتها تذكرني بمطاعم أوروبا المغلقة في تموز، الهدوء الذي لم نألفه، وأشياؤنا التي اشتقنا إليها، كل هذا بسبب وضع استثنائي فرضه كورونا.

نعيش عزلة لا نطيقها وتباعداً اجتماعياً لم يألفه البشر، ولا يناسب هذا الكائن البشري الاجتماعي (الإنسان)، قد يشبه قصة ما من التاريخ الذي قرأناه وذلك الذي لم نقرأه، لكنني لم أسمع والدي أو جدي قط يخبراني عن قصة مماثلة، ولأنني لست من محبي أفلام الخيال العلمي فلم يتسنَ لي أن شاهدت أحد تلك الأفلام التي تنبأت بالفيروس العجيب وكثرت الإشارة إليها مؤخراً، حتى إن الروائي الجزائري واسيني الأعرج كتب مقالاً عن رواية «عيون الظلام» للكاتب الأمريكي دين راي كونتر من قبل تحدثت عن مرض يكاد يشبه في تفاصيله كورونا، والذي يثير أسئلتي هل مؤامرات الحرب البيولوجية التي نعيشها اليوم تُستلهم فصولها من الروايات والأفلام؟


هل نحن ضحية لمؤامرة ما؟ وما يذاع اليوم في نشرات الأخبار عن ضلوع الصين في انتشار الفيروس الذي خرج من مختبراتها، واتهام أمريكا لها ومطالبة ألمانيا بمليارات الدولارات تعويضاً للخسائر المادية التي تكبدتها إثر الأزمة الصحية هي بوادر لحرب عالمية ثالثة قد تكون وشيكة؟


وبين هذا وذاك.. من يعوضنا كبشر؟ ولا أقصد أبداً التعويض المادي لأن خسائرنا النفسية والاجتماعية كانت أكبر.

والشوق يسري بروحي لكل الأماكن التي اشتقتها، ويغمرني شوق لرفقة الأصدقاء ورائحة القهوة في أحد المقاهي التي تعودتنا، وأجواء العمل، والسفر إلى المدن التي تركت بعضي بها وأموراً معلقة ومواعيد ألغتها كورونا.

ديواني «جسد الكلمات» المترجم إلى الفرنسية بقي على أرفف مكتبتي بدلاً من معرض باريس وقاعة الكونكورد التي كان مقرراً توقيعي الديوان فيها، لأن مدناً أقفلت عن بكرة أبيها والسبب كورونا!

لعلها آمال مؤجلة لحين إشعار آخر وفرج قريب.