الجمعة - 29 مارس 2024
الجمعة - 29 مارس 2024

الدّين.. وتقديم ضروري الحياة

الحمد لله على الوصول إلى هذا الوقت الفضيل؛ بداية شهر رمضان، وهي بإذن الله من بشارات الخير والبركات.

إن من أنواع الفقه فقهٌ يسمى «فقه النوازل»، أو «فقه الواقع»، أو «فقه المقاصد»، أو «فقه الأولويات»، أو «فقه الموازنات»، أو «فقه الأحداث»، والمقصد منه معرفة الحوادث الجديدة التي تحتاج لحكم شرعي يصدره (النوازلييون) الذين يفتون الناس بعد مراعاة الملابسات والأحوال الحاضرة والنازلة المتعينة، وعن دقته يقول القاضي عبدالسلام الهواري المالكي، من علماء القرن السابع الهجري: «الفتوى دربة وصنعة، لأن الأحكام تتغير بتغير الأزمنة».

توقف مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي عند نازلة كورونا المستجد، واجتمع افتراضياً عبر الاتصال المرئي، برئاسة الشيخ عبدالله بن الشيخ المحفوظ بن بيه، الأسبوع الماضي، وناقش 5 من المستجدات المتعلقة بالمرض ورمضان، وترشح عن ذلك بالإجماع بيان رصين، تم نشره في وسائل الإعلام المختلفة.


كان مهماً جداً إصدار بيان للناس، في هذا الوقت الصعب، وإفهامهم بحسب الفتوى الأولى، بجواز إفطار المصاب بفيروس كورونا، عندما تظهر عليه الأعراض الأولى للمرض، ووجوب الفطر إذا أخبره الطبيب بأن الصوم سيفاقم مرضه، والترخيص للكوادر الطبية أن يفطروا في أيام عملهم، إن كانوا يخافون أن يؤدي صومهم لضعف مناعتهم أو تضييع مرضاهم، والوصية في الفتوى الثانية، بصلاة التراويح في البيوت فرادى أو جماعات، وأنه وبحسب الفتوى الثالثة، على الناس أن يصلوا العيد في بيوتهم فرادى أو جماعة مع أهل بيتهم دون خطبة للعيد؛ فيما لو استمرت الظروف الحالية، والتأكيد في الفتوى الرابعة، على عدم صلاة الجمعة في البيوت، وأنه يجب صلاة الظهر ظهراً بدلاً من الجمعة، وجاءت الفتوى الخامسة لتؤكد على أفضلية تعجيل زكاة الفطر.


لقد أحسن المجلس في تبيين أن المعُوّل عليه في تحديد مستوى المرض وخطورته هم أهل الخبرة من الأطباء، والجهات المختصة، وأحسن في تحذيره من تعريض الآخرين للخطر والمهالك، وأن الدعوات للتجمعات في هذه الظروف حرامٌ شرعاً، وأحسن في تنبيهه على ضرورة التقيد بأوامر وليِّ الأمر الداعية للحفاظ على حياة الناس وسلامتهم، والوقاية من انتشار المرض، وأوصل للناس درساً بليغاً في «أن ضروري الحياة مقدمٌ على ضروري الدِّين وجزئياته».