الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

فهد.. وصديقه «ليو»

كان دائم العناية بصديقه «ليو»، فهو يقتطع جزءاً كبيراً من وقته ليخصصه له، لكن ليو! لا يحب الظهور أمام الناس، فظهوره مخصص لفهد فقط، وعندما سألنا فهد أكثر من مرة:

ـ لماذا (ليو) يتصرف هكذا.

يرد فهد:


ـ إن ليو خجول جداً.


لكن ليو لا يظهر في كل الأوقات، بل قد يختفي لأيام، وقد يعود للظهور متى ما كان فهد في مأزق، أو في موقف متوتر، كما أنه يفرض على فهد أحياناً ألّا يفعل شيئاً، وألّا يتصرف أو يجيب على أي سؤال، فما عليه إلا أن ينام في سريره، وأن يضع كثيراً من الوسائد عليه، حتى لا يراه أحد.

فهد صاحب شخصية مرحة وعاشق للعب، يحاول دائماً أن يكوّن من ألعابه ومقتنياته الصغيرة عوالم جميلة ـ مزدحمة ـ ويضع نفسه في قلب ذلك العالم الذي صنعه بجهد جهيد، كأن يشكل من مجموعة كبيرة من الأكواب الورقية، مدينة مسوّرة، ويضع بداخلها مجموعة من السيارات الصغيرة والديناصورات وشخصيات (بيضة كندر) الصغيرة وألعاب ماكدونالد، إضافة إلى بعض الدمى من ألعاب البنات وقارورة ماء وساعة منبه، ويضع مجموعة من المتجولين على أطراف المدينة للحراسة، ثم يفرد لنفسه مكاناً في الوسط ليجلس فيه، ثم ينادي الجميع ويطلب منهم ألّا يقتربوا كثيراً من المدينة تلك، وعندما نشجعه بعبارات لطيفة، يقول:

ـ أنا لم أصنع ذلك.. إنه عمل ليو!!

هذه ليست حكاية خيالية، لكنها قصة حقيقية لولدي الصغير فهد ـ أصغر أبنائي (آخر العنقود) ـ الذي ابتكر شخصية ليو تلك، لينأى بنفسه عن المساءلات والمحاسبة لأي أمر كان، سواء للدراسة عن بعد، أو لتناول وجبة مع العائلة أو للذهاب مبكراً إلى النوم، جوابه دائماً، مع وجه مبتسم:

ـ عندما يعود ليو سيخرجني من هنا وآتي إليكم.

هنا أتساءل: هل لدينا نحن الكبار شخصيات افتراضية أو وهمية لنحادثها؟ إذ كثيراً ما نسمع عن نساء يتحدثن مع المرآة فهل هي حقيقة أم خيال؟

كانت إحدى الجدات، رحمها الله، إذا غضبت من أحد، اختلت بنفسها وأخذت المرآة، وبدأت تحادثها، وتتجادل معها حول الأمر، وتسألها مراراً وتكراراً: من هو المخطئ في الموضوع الذي أغضبها.. الشاهد أنها تنصت لحديث المرآة حتى لو كان ضدها، فتعترف بخطئها، وتعود للاعتذار مع من اختلفت معهم.