الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

ماذا لو أعدنا الاعتبار للعلماء؟

جائحة كورونا لقَّنت الإنسانية كثيراً من العبر والدروس، وقلبت موازين المفاهيم في لحظة انكشاف ضوئية، ومؤخراً جاء في التقارير حجم الخطر الذي يتعرض له الأطباء وعمال الصحة على مستوى العالم لإنقاذ المصابين بالفيروس، حيث إن الآلاف من الأطباء وعمال الصحة أُصيبوا بالفيروس أثناء أدائهم لواجبهم الإنساني المقدس، وآخرون خسروا حياتهم، والسؤال هنا: هل نجوم السينما والفنانون أو لاعبو كرة القدم أو الكريكيت هم من أنقذوا الأرواح؟ وهل وقف أي منهم في الخطوط الأمامية لمكافحة الفيروس؟.

الجائحة كشفت زيف الحياة الحديثة، واختلال موازينها ومعاييرها، وانبهارنا الدائم بالقشور دون اللب، حيث اكتشفنا على حين غرة، أن نجوم السينما والمسرح والرياضة وعالم التسلية، الذين يتقاضون أجوراً فلكية ويحظون بكل التقدير والانبهار، لا يمثلون إلا القشور، وأن العلماء العاكفين في المختبرات على إيجاد دواء أو لقاح، أو جهاز طبي، والأطباء وعمال الصحة، هم الذين يجب أن نرفع من قيمتهم، لأنهم من يلقون أنفسهم في الخطوط الأمامية لإنقاذ الأرواح، غير مبالين بالأخطار التي يتعرضون لها، أي باختصار هم اللب، فيما يقع على عاتق الأساتذة، تربية النشء وتكوين الجيل الصالح الذي يقود الأمة، في الحقيقة هم الأبطال الحقيقيون، الذين يستحقون منا كل التقدير والاهتمام والاحترام، فيما يعكس واقع المجتمعات الشرقية عكس ذلك تماماً.

إن رجال السياسة ونجوم السينما والترفيه والرياضة، يقعون في أعلى قمة المكانة الاجتماعية والمهنية، ويحظون بكل تقدير واحترام وهيبة ونفوذ في المجتمعات الشرقية، فيما يقع العلماء والباحثون والأساتذة في القعر، بدليل تهميش المربِّين والباحثين، ووجودهم في ذيل سلم المرتبات في بعض الدول العربية والشرقية، في حين يتصدرون المراكز الأولى في البلدان المتقدمة، مثل: اليابان التي يحتل فيها الأساتذة مكانة اجتماعية كبيرة ويتقاضون أعلى الأجور.


هل سيدرك عالم ما بعد كورونا، قيمة أولئك الذين قدَّموا لنا الخدمة الحقيقية، واصطفّوا درعاً واقياً في صورة إنسانية مضيئة ومنقطعة النظير، معبرين بذلك عن قمة البذل والتضحية من أجل رسالة الإنسانية؟ فالمزارعون ينتجون المحاصيل لتأمين الغذاء، والعلماء والباحثون يوجدون لنا المخترعات التي تسهل حياتنا، والأطباء يؤمِّنون لنا العلاج وينقذون أرواح البشر، وأما الممثلون واللاعبون والمطربون وغيرهم، فلا شك في أنّهم يطربوننا، لكن ليس دورهم في الحياة إلا ثانوياً، لذا علينا أن نعيد الأمور إلى نصابها، فنعطي كل ذي حق حقه.