السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

خذ نقودك.. وانصرف

يقال إن مديراً تنفيذياً لشركة كبرى تُعرف عنه الصرامة، قرَّر يوماً القيام بزيارة ميدانية مفاجئة لأحد فروع الشركة، وبينما هو يتجول بين ردهات المكاتب ويتحقق من أداء الموظفين، لمح من بعيد موظفاً يتنقل بين المكاتب ويتجاذب أطراف الحديث مع الموظفين الآخرين، فاستاء من هذا التصرف، وظل يراقب الموقف لفترة، ثم أقبل عليه وسأله، منذ متى وأنت خارج مكتبك؟ رد عليه الموظف، وهو ينظر إليه باستغراب، منذ الصباح يا سيدي، ثم سأل المدير مجدداً، وكم راتبك؟ فقال: ألف دولار، فما كان من المدير إلا أن وضع يده في جيبه وأخرج المبلغ وأعطاه إياه، قائلاً: خذ نقودك وانصرف الآن، فأنت مفصول!

أخذ الموظف النقود، وبينما كان يسير مبتعداً عن المكان، استدار مخاطباً المدير: شكراً لك، ولكني لا أعمل لديك، أنا مراسل أعمل لدى شركة أخرى!

كثيراً ما أستحضر هذه القصة عندما أسمع عن سلوكيات بعض المديرين، وعن قراراتهم الإدارية الغريبة، فرغم الشهادات التي قد يحملونها واللغات التي يتشدقون بها والدورات الإدارية والقيادية التي اجتازوها، إلا أن بعضهم يفتقد الحصافة في ترجمة ما يعلمه، ويحتاج إلى الحكمة في تنزيل تلك المبادئ والقواعد والممارسات على أرض الواقع، فما قد يكون من أفضل الممارسات في مكان ما، قد لا يناسبنا، ولذا أميل إلى أن مصطلح «أنسب الممارسات العالمية» أولى بالتطبيق وأدق مدلولاً من مصطلح «أفضل الممارسات العالمية».


وقبل ذلك، نحن بحاجة لقيادات إدارية تتحلى بالروح القيادية، التي وصف بها الرسول الكريم، المنذر بن الأشج العصري: (إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ: الحِلْمُ، وَالأَنَاةُ).