السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

الإمارات.. وحاجز مليون فحص

يميل كثير من الخبراء والمحللين إلى استخدام الأرقام للدلالة على قوة طرحهم، ورجاحة منطقهم في تفسير الأمور، باعتبار أن الرقم مؤشر فعلي لقياس مدى الإنجاز أو الإخفاق في أي جانب من جوانب العمل، أو للدلالة على صحة التنبؤات المستقبلية لأي فكرة أو مشروع مطروح للنقاش.

وبرغم أن منطق لغة الأرقام عموماً، منطق يشوبه الجمود، فإن أموراً عديدة تحتم أنْسَنَة الرقم وسبر معانيه، التي تتعدى مؤشرات النجاح والفشل أو الربح والخسارة، فدائماً هنالك جانب أكثر عمقاً وشموليّة، خاصة إذا ما كان الرقم يمسُّ حياة الإنسان وصحته، وهنا نتحدث عن كسر الإمارات لحاجز مليون فحص لفيروس كورونا المستجد، في إطار جهودها لتقصِّي ورصد الحالات المُصابة بالمرض، وذلك بهدف منع انتشاره واحتواء الحالات المكتشفة والمخالطين لأصحابها.

أن تقوم دولة لا يتجاوز عدد سكانها عشرة ملايين نسمة، بإجراء أكثر من مليون فحص، وهي مستمرة بلا توقف في هذا الاتجاه، فهذا الرقم لا يمكن النظر إليه بشكل جامد، بل لا بد من قراءته كمفردة تحمل العديد من المعاني والدلالات، فهو أولاً وأخيراً يرتبط بالإنسان ومدى الاهتمام به، ويشير بكل وضوح، إلى أن الإمارات عندما يتعلق الأمر بصحة الإنسان، تتجاهل لغة الكلف المالية، خاصة إذا ما علمنا أن إجراء هذا العدد الكبير من الفحوص يحتاج إلى ميزانية ضخمة تكلف مئات الملايين.


يعكس كذلك، كسر حاجز مليون فحص، متانة وقوة النظام الصحي الذي بنته الإمارات على مدى السنوات الماضية، إذ إن إجراء الفحوص بهذه الكثافة يستحيل تنفيذه، لولا توافر بنى تحتية صلبة، وكوادر بشرية ومختبرات مؤهلة ودقة في التنظيم، وجميع ذلك يعني أن الإنسان كان في صدارة الأولويات الوطنية، فالدول التي ترى في الإنسان الثروة الحقيقية، هي الدول التي تولي قطاعها الصحي، والتعليمي الأهمية القصوى، باعتبارهما الركيزة الأساسية لبناء الإنسان المنتج والقادر على خدمة بلاده، والمشاركة في تنميتها وتطورها.


باختصار، إن أزمة كورونا المستجد، غيَّرت قواعد اللعبة، وقلبت العديد من المفاهيم، وسيكون هناك تصنيفات وتقييمات جديدة للدول بعد زوال الجائحة، فليست كل الشعارات تثبت أمام العواصف، فمنها ما يبقى راسخاً، ومنها ما تذروه الرياح.