الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

تمجيد مفهوم «الهروب»

تختزل السينما عالمياً وعربياً، قوة الرجل الجسدية والفكرية في فكرة الهروب، فمعظم أفلام الإثارة تكمن في المطاردات، هوليود اختزلت قوة الرجل في كيفية الهروب من قبضة رجال الأمن، أو أعداء البطل من المجرمين على الأغلب، لكن الواقع الحقيقي هو أن صفة الهروب تصدرت بها النساء منذ الأمد البعيد.

قصص الأطفال العالمية تحكي دائماً عن هروب الفتاة من حضن الأسرة، بسبب اضطهاد زوجة الأم أو حتى أحد الوالدين أو هما معاً، ويتم تصوير الفتاة الصغيرة بأنها جميلة جداً، ولا بد أن تكون أميرة وابنة ملك لكي تهرب، ولا أعرف لماذا يتعمد رواة القصص إظهار الطفلة بهذا المظهر في قصص يُفترض أنها كتبت من أجل الأطفال؟ لقد عشت دائماً في طابق من الفكر بأن الطفلة لا تملك سوى فكرة الهروب، حينما لا تستطيع مواجهة الاضطهاد والظلم نحوها.

هناك اختلاف كبير ما بين السينما والرواية أو القصة القصيرة، في قضية تناولها للهروب، فالسينما مجّدت بطولة الرجل في الهرب من الأعداء أو رجال الأمن، والقصص تحايلت على عقل الأطفال بأن عليك الاختباء حينما تتعرض للعنف أو الظلم، لهذا نجد دائماً، الأطفال في قصص الجريمة التي تظهر مصورة على شاشة التلفزيون، يبقون أحياء حينما تتعرض الأسرة لجريمة قتل بسبب قدرتهم على الاختباء، وهذا يعود بنا إلى اللعبة القديمة جداً، التي ما يزال الأطفال يفضلونها عن غيرها من الألعاب، وهي «الغميمة» كما نقولها باللهجة المحلية أو لعبة الاختفاء كما يفهمها العالم.


أتساءل دائماً: كيف استطاعت السينما أن تحول الفكرة لصالح الرجل بطريقتها الفذة، وكيف جعلتنا القصص نتعاطف مع فكرة هروب الأطفال رغم خطورتها؟.