الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

عيشوا الحياة

كم هو مؤلم أن تُقرّ، وبعد وقت متأخر، بأنك لم تعش حياتك كما يجب أن تُعاش، شعور يكتنفه الغبن والندم أن تبقى محايداً على هوامشها، والأكثر إيلاماً حينما تستفيق من غفوتك تتنازعك شهوة الحياة، لتواجه نفسك وتصرخ بعلو فقدك وخوائِك: أُريد حياتي!

يقول عالم الاجتماع والمؤرخ الإنجليزي «هربرت جورج ويلز»، (1866 ـ 1946) في إحدى رواياته: «إذا لم تكن حياتك تروق لك، فبإمكانِك تغييرها».

وفي ترجمة أعدتها وقدمتها الروائية القديرة «لطفية الدليمي» للسيرة الذاتية للكاتب والفيلسوف الإنجليزي الشهير «كولن ويلسون» (1931 ـ 2013)، والتي استوقفتها عبارة ويلز وكأنه المقصود بها، لتكون شرارة الانطلاق لمرحلة التغيير في حياته، بعد طرده من القوة الجوية الملكية البريطانية، وامتهانه لمهن كثيرة لم تزده إلا نفوراً من الحياة ومن نفسه، ليتوقف بعدها عن انغماسه واستنزافه في تجارب لم تزده إلا ضجراً وتعاسة، ويدرك أن حياته مقيدة وبلا معنى ولا بريق، فقال عبارته الاعتراضية: «لا، هذا يكفي»، لأنه تيقن تماماً أن المتعة الحقيقية تكمن في الاستمتاع بما نعمل وأن يكون جالباً للرضا والسعادة.


تغيرت حياة ويلسون كلياً، حينما قرر التخلص من قيود الوظيفة المكتبية، وتحول إلى كاتب حر، يكفيه كوخ صغير ليمارس فيه متعة التأمل طيلة حياته، على حد قوله.


إذن، الحياة هي قرار واختيار في النهاية، نحن من نقرر شكل حياتنا، وطالما كان بالإمكان تغييرها، فعلينا أن نغيّرها، متى ما استشعرنا عدم الرضا عنها في قرارة أنفسنا؛ أن نحياها بلا أسلاك ذاتية شائكة، تمنع تسلل الضوء ومواجهة الريح وانهمار المطر!

باختصار يُشبّه الحياة بكلمة الفيلسوف الوجودي ألبرت كامو، أرجوكم: «عيشوا».