الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

علم النفس.. والأزمات

منذ الأزل وحتى إلى ما لانهاية يتراوح صراع الإنسان بين البقاء والفناء لتدفعه غريزته نحو التشبث بالحياة مهما كان شكلها، سواء أكانت مليئة بالمعاناة، مملة أو ناجحة، مبهجة أو مقيتة، يكتسحها الفقر أو الغنى.

المهم هو أن نبقى أحياء وربما هذا ما يفسر خوفنا من الغيب وعالم ما بعد الموت، وهذا يؤكد ما قاله سيغموند فرويد بأن لدى الإنسان غريزتين، هما: غريزة الحياة وغريزة الموت، وأنه يبقى دوماً في صراع دائم بينهما.

كورونا، هذه الأزمة التي أظهرت وعياً موحداً يعود دافعه الأساسي العميق رغبة الإنسان في «البقاء وحفظ النفس»، فكان السلاح المستخدم لا يميل للقوة وفرض القوانين، بل تعدى ذلك لتوظيف القوة الكامنة في البرمجة اللغوية العصبية التي خاطبت هذه الحاجة في داخلنا وتعاملت معها بذكاء.


إن البعد النفسي لهذه الأزمة هو من أوائل الأمور التي يجب أن توضع في الحسبان لصياغة أدوات فعالة تحفز وعي الأفراد وتحثهم على التجاوب، وهنا يجب البحث عن مسببات التمرد على الإجراءات المتخذة، وطرح السؤال الأهم: أهو فقدان الأمل والاستسلام نتيجة عدم وجود مؤشرات تفاؤل تلوح في الأفق، وطرح تخوفات مصيرية تمس الفرد وأمنه وأمانه مباشرة، أم تخفيض أهمية الذات والاستهتار نتيجة تفاقم مشاعر التعب والضجر؟.. مهما يكن الدافع، فهنا لا بد من إشراك خبراء نفسيين واجتماعيين للوصول إلى الطرق المثلى في التعامل مع الأفراد، فالتخويف والتوبيخ والقانون وحده لا يكفي في سبيل التعامل مع الناس وقت الأزمات.. وهو ما يبين بالضرورة أهمية «علم النفس في إدارة الأزمات»، ووجود علماء في صفوف راسمي استراتيجيات مجابهة هذا المهدد الخطير للحياة.