الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

تخاصم أهل النار.. وبئس القرار

العالم لم يعد به يقين ولا حقائق مؤكدة، تشعر بأن الحقيقة خرجت من هذا العالم ولن تعود إليه أبداً، أنت أمام بشر لم يعد بينهم اختلاف على الحق، ولكنهم مختلفون على الباطل وتأخذهم العزة بالإثم والجهل.

وإذا تصورنا جميعاً أن كلاً منا معه الحق وحده فإننا سنكون جميعاً على باطل، فالصراعات الدائرة ليست صراعات بين الحق والباطل ولكنها صراعات بين أهل الباطل، كل فريق يريد أن ينصر باطله، ولو أنها صراعات بين حق وحق ما قتل أحدٌ أحداً، لأن الحق يتصارع مع الحق وينتصر الحق على حق آخر بالفكر، أما الباطل فلا حجة له لذلك يلجأ إلى قتل الباطل الآخر، وعندما تتدبر آيات القرآن الكريم ترى وتسمع مشاهد تخاصم أهل النار، أي أهل الباطل.. كل فريق يتمنى للآخر ضعفاً من العذاب، وكلما دخلت أمة لعنت أختها، وكل فريق يقول للآخر: « أنتم قدمتموه لنا».. وكل فريق يقول للآخر: «لا مرحباً بكم».

هذا بالضبط ما يجري في الدنيا، تخاصم أهل الباطل وكأن هذا العالم تحول إلى «جهنم الدنيا»، فالمتابع لما يجري في هذا العالم لا يعرف أين الحقيقة، فأمريكا والصين تتبادلان الاتهامات بتخليق فيروس كورونا، وكل منهما تقدم الأدلة على أن الأخرى وراء انتشاره، وهناك طرف ثالث يتهم البلدين بالتعاون في تخليق ونشر كورونا، وهناك قوى تتصارع على إنتاج اللقاح والعلاج والفوز بهذه الكعكة التي ستدر المليارات.


عندما تغيب الحقائق يشيع الدجل السياسي والديني والعلمي والطبي والاقتصادي، وتمتلئ الدنيا بالأكاذيب والتعاويذ والقصص الوهمية.. إنه تخاصم أهل النار، حيث لا تعرف من الجاني ومن الضحية المجني عليه، وهذا يتضح بجلاء في الصراعات الدائرة بكثير من الدول العربية، تخاصم أهل الباطل والنفاق أيضاً، لم يعد هناك معسكران واضحان للكفر والإيمان، المنافقون يقاتلون المنافقين، والمفترض أن المنافق لا يجوز شرعاً قتله، والرسول، صلى الله عليه وسلم، كان يعرف المنافقين بالأسماء لكنه رفض قتلهم، إنه تخاصم أهل الباطل، وكما أن تخاصم أهل النار حق في الآخرة، فإن تخاصم أهل الباطل حق في الدنيا، الكل على باطل لذلك لا تضع الحروب في العالم أوزارها، ولا تنتهي الصراعات ولا الإرهاب ولن ينتهي وباء كورونا، لأن البشر يتعاونون على الإثم والعدوان، وإنه لحق تخاصم أهل النار.. ولهُو بئس القرار!