الخميس - 25 أبريل 2024
الخميس - 25 أبريل 2024

بالنقد يتيسَّر المقصود

ما ظننت أني سأكتب عن موضوع إخراج زكاة الفطر نقداً، خاصة ونحن نعيش هذه الظروف الصعبة من التاريخ الإنساني، وعسى أن يكون هذا من التكرار الممدوح..

الكل يعلم أن زكاة الفطر أوجبها الشرع لحِكم لخَّصها ابن عباس رضي الله عنهما بقوله: «فرض صلَّى الله عليه وسلَّم صدقة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، من أدَّاها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات»، وفي الحديث: «صوم شهر رمضان معلق بين السماء والأرض، ولا يرفع إلا بزكاة الفطر»، ويقول العلماء محل سائر الزكوات الأموال، ومحل زكاة الفطر الرقاب.

مقصود زكاة الفطر تلبية حاجة المستحق، وإغناؤه، والفقهاء جعلوها من الطعام المعتاد، ودليلهم حديث ابن عمر رضي الله عنهما: «فرض صلَّى الله عليه وسلَّم صدقة الفطر، أو قال رمضان، على الذكر والأنثى، والحر والمملوك صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير..»، وغيره من الأحاديث؛ وهذه المقاصد لا بد أن تكون موافقة للشرع من جميع جوانبه، بحيث يقدم للفقير حاجاته، وليس ما هو في غنى عنه..


الفقير في عهد ما بعد عهده صلَّى الله عليه وسلَّم تغيرت احتياجاته، وتحولت زكاة الفطر من التمر والشعير إلى ما ذكره ابن عمر نفسه في حديثه: «فعدل الناس به، أي بالشعير، نصف صاع من بر»، وقوله: «فجعل الناس عدله، أي الشعير، مُدَّين من حنطه»، و«لما أعوز أهل المدينة من التمر أُعطي شعيراً»..


اليوم يحتاج الفقير لنقد يسد به متطلباته ومتطلبات أسرته، والنظر الفقهي السليم يؤاخي بين الأحكام الشرعية، وواقع الناس اليوم، فقديماً كانت النقود نادرة الوجود، وكان التعامل بالمواشي والأطعمة، والقائلين بإخراج زكاة الفطر نقداً، هم جملة من الصحابة والتابعين، كالحسن البصري، وعمر بن عبدالعزيز، والثوري، وأبي حنيفة، ومن موافق مذهبه كأبي يوسف، وأبي جعفر، وبه العمل والفتوى عندهم في كل زكاة، وفي الكفارات، والنذر والخراج وغيرها..

أختم بالتأكيد على أن سد حاجة الفقير من لوازم الحياة، وضرورياتها، لن تتيسر إلا بالنقود، والزكاة بها يُسد الخلل، ويحقق الهدف المقصود في الحديث الشريف: «أغنوهم، أي الفقراء، عن المسألة في هذا اليوم، أي يوم العيد»، وللحديث بقية، وعيد مبارك مقدماً.