الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

الخروج من الحجر.. أسبابه ورهاناته

سؤال وجيه تطرحه بعض الأوساط الإعلامية والسياسية، نصه: لماذا فتحت بعض الدول الأوروبية باب الخروج من الحجر الصحي، وهي تعلم جديّاً أن كابوس وباء كورونا لم ينتهِ بعد، وأن عودته لحصد الأرواح احتمال وارد.

وراء هذه الخطوات تقف ثلاثة أسباب رئيسية دفعت إلى رفع نسبي لقيود السجن الاجتماعي، الذي حصر فيه صانع القرار الأوروبي شعبه تخوّفاً من الجائحة، وإيماناً منه أنه السبيل الوحيد الذي يملكه لمحاربة هذا الوباء ويحد من تأثيره القاتل.

الأول اقتصادي محض، إذ بموازاة الحجر الصحي توقفت ماكينة الإنتاج الاقتصادي، وشُلّت قطاعات حيوية كانت تشغل الملايين وتدر على الدولة سيولة كثيفة من المداخيل، كما أنه تطبيقاً لهذا الحجر، أُرغمت الدولة على توفير جزء من مداخيل عمال القطاع الخاص في سابقة تظهر استثنائية اللحظة التي تمر بها هذه المجتمعات، حيث قامت الدولة بدور الراعي للحاجات الأساسية للمواطن، مقابل خضوعه التام لشروط الحجر الصحي، و مع مرور الأيام، تبيَّن أن فاتورة هذا الوضع ستكلف الدولة ميزانية عملاقة، ناهيك عن المقاولات التي قد ترغم تحت ضغط هذه الحقبة الخطيرة على التخلي عن عمالها، وربما إقفال أبوابها نهائياً والتسبب في ركود اقتصادي.


السبب الثاني له علاقة بالتداعيات الاجتماعية لهذا الوضع، الذي بدأ يتسبب بتدهور معنويات المواطن غير المتعود على العيش تحت نظام حجر صحي شبيه بسجن اجتماعي، وقد حذَّرت بعض الأوساط العلمية من أن أمراضاً اجتماعية قد لا تقل خطورة وفتكاً من وباء كورونا قد تتولد لدى المواطن، الذي لا يرى نوراً في نهاية النفق المظلم، وتمت الإشارة إلى شريحة المسنين وضعيفي المناعة الاجتماعية الذين قد يسرع هذا النمط من العيش في فقدانهم عِوَض حمايتهم من العدوى.


السبب الثالث، الذي يشرح هذا التوجه نحو الوفع التدريجي لقيود الحجر له علاقة بالقناعة القوية التي تسيطر حالياً على الأوساط الطبية التي تقدم استشارتها لمراكز القرار السياسي، وهذه القناعة تقول: إنه في غياب لقاح أو علاج لوباء كورونا، فإن هذه المجتمعات تواجه حالياً خياراً واحداً، هو التعايش مع هذا الفيروس لمدة طويلة، وأن الحياة ما بعد الخروج من الحجر ستفرض عليها إجراءات احترازية للتعامل مع هذا الوباء، وهذا العامل دفع بالسلطات السياسية لاتخاذ قرار الخروج ما دام وجود الوباء أصبح حقيقة مفروضة ومستدامة.