الثلاثاء - 16 أبريل 2024
الثلاثاء - 16 أبريل 2024

البعد الديني لمواجهة الوباء

شهدت الأيام القليلة الماضية بادرتين مهمتين ألقتا الضوء على أهمية البعد الديني في مواجهة جائحة كورونا، والأمر يتعلق بمبادرة «الصلاة من أجل الإنسانية» التي أطلقتها اللجنة العليا للأخوة الإنسانية، والتي وجهت فيها نداء عالمياً إلى جميع الناس على اختلاف ألسنتهم وألوانهم ومعتقداتهم، للدعاء من أجل خلاص الإنسانية من الوباء، وقد لقيت هذه الدعوة تفاعلاً عالمياَّ كبيراً من القادة والزعماء ورجال الدين والمنظمات الدولية والأشخاص في كل أنحاء العالم.

والأمر الثاني يتعلق بالندوة الافتراضية التي نظمتها البعثة المغربية في الأمم المتحدة يوم 12 مايو، مع عدد من ممثلي الرسالات السماوية الثلاث وممثلي الدول الأعضاء بالمنظمة، حول دور القادة الدينيين في التصدي لجائحة كورونا، وقد لقيت هذه الندوة تجاوباً كبيراً من المشاركين الذين أجمعوا على أهمية دور القادة الدينيين في مواجهة الجائحة، واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة، أن لهؤلاء دوراً محورياً في التغلب على تداعيات هذا الوباء العالمي، وأن سلوكياتهم تؤثر على قيم الناس وسلوكياتهم وأفعالهم.

وهذا حقيقي جداً، فمع تفشي الوباء ووصوله إلى أهم المراكز الدينية حول العالم، اعتبر بعض المسلمين المتطرفين أن كورونا غضب من الله، واعتبره بعض اليهود المتدينين إحدى علامات الساعة لمجيء «المسيا» المنتظر وبناء الهيكل.


ورآه بعض المسيحيين علامة المجيء الثاني للسيد المسيح، ومع اتخاذ قرار إقفال دور العبادة من مساجد وكنائس وبيع، رفض كثيرون هذا القرار وكادوا أن يثوروا لولا أن تدخلت قيادات ومؤسسات دينية لتصحيح المفاهيم حول الأوبئة، وتوضيح أهمية الإجراءات التي دعا إليها العالم، وتبيان مقصد أولوية حفظ النفس البشرية في زمن الأوبئة.


هذا التدخل من القادة الدينيين هدأ الأنفس، وحقق استجابات لنداء الحجر الصحي وضرورة الصلاة في البيوت، كما كان لرسائلهم الطبية والتوعوية، التي جاءت في قالب ديني، صالح الأثر وحققت استجابة شاملة.

لقد أبانت جائحة كورونا أهمية البعد الديني، وأكدت على دور القادة والمؤسسات الدينية من جميع الأديان، في توحيد القوى من أجل العمل على إحلال السلام، والتركيز على المعارك الإنسانية المشتركة، وكما قال شيخ الأزهر، الإمام الأكبر أحمد الطيب «.. إذ نستحث في البشرية جمعاء هذه اللّحمة المشتركة بين أبنائها، ألا وهي لحمة الأخوة الإنسانية، من أجل استعادة اكتشاف قيم العدل والسلام والتعايش والمساواة بين البشر جميعاً».