الجمعة - 19 أبريل 2024
الجمعة - 19 أبريل 2024

الموظفون والانتقاء الطبيعي

ثار حول الانتخاب الطبيعي، الآلية الأساسية لنظرية التطور الكثير من اللغط وافترق الناس إلى مؤيد ومعارض وموفق بينهما، إلا إنني لست بصدد مناقشتها، بل أستعير المصطلح لأسقطه على ما بدأ تنفيذه في العديد من الشركات التجارية، وهو الاستغناء عن الموظفين بسبب انكماش الأعمال وتراجع الإيرادات في ظل الجائحة.

وقد تبدأ هذه الظاهرة في مؤسسات القطاع العام ليس لانخفاض إيراداتها بل لاكتشافها أنها تمكنت من أداء أعمالها بنصف عدد الموظفين أو أقل.

غالباً ما تكون معايير تسريح العاملين واضحة إلى حد ما في القطاع الخاص، ولكن ماذا عن القطاع العام؟


في رأيي أن اكتشاف المؤسسة قدرتها القيام بمهامها بالعدد القليل لدليل على عدم وجود معايير محكمة في التعيين من البداية، ولذا أشك أن تكون هناك معايير معقولة للاستغناء.


ولعل من المناسب هنا، التذكير بأن الاستغناء ليست ظاهرة وليدة الجائحة بل هو نهج متبع غالباً بعد كل تغيير قيادي في المؤسسة، حيث يأتي القائد الجديد مصطحباً «شلته» أو ما يطلق عليه طاقمه الإداري، مخلفاً عدداً من المحالين إلى التقاعد أو المهمشين الذين يشكلون بطالة مقنعة مضرة بصحة البيئة المؤسسية والأداء على المدى المتوسط والبعيد.

وحتى لا يتعسف المدير الجديد بقرارات الاستغناء؛ على إدارة الموارد البشرية أخذ زمام المبادرة لتأطير تلك العملية في سلسلة من الخطوات، تبدأ بالتعرف على معايير المدير الجديد (إن وجدت)، وتقييمها وفقاً لمهام الإدارة، ثم تقييم العاملين وفقها، ثم محاولة تأهيل من يحتاجون للتحسين، أو نقلهم لإدارات تحتاج إليهم، ويكون الاستغناء هو آخر تلك الخطوات.

في النهاية، أرجو أن تكون المؤسسات أكثر إبداعاً لاستثمار موظفيها بدلا من استسهال قرار الاستغناء.