السبت - 20 أبريل 2024
السبت - 20 أبريل 2024

عندنا.. وعندهم

التقيت في كندا بأحد الإخوة من الهند فقال لي: كنت أعمل في الإمارات ووقع لي موقف فيها! فقلت له: ما هو؟

قال: ذهبت مع زملائي لأداء صلاة العيد في مسجد الشيخ زايد رحمه الله في رأس الخيمة، وتعطلت سيارتي بعد صلاة العيد عند المسجد، فانتظرت مساعدة من صديقي، فجاء رجل إماراتي كبير في العمر في الشارع الآخر واستدعاني، فذهبت إليه فسألني: كم عددكم؟، فذكرت له العدد.

فأخرج مبلغا من المال وقال: هذه عيدية لكم!


انظروا أيها القراء الكرام في حسن أخلاق هذا الرجل وطريقة تعامله مع المقيمين في الدولة علة أساس إنساني بحت، لا يرجو فيه لا جزاء ولا شكورا، بل هي أخلاق راسخة يورثها من بعده، وهذه هي أخلاق الإسلام لا عنصرية ولا كراهية ولا ازدراء، بل تعامل بالحسنى والخلق الحسن، فالله تعالى امتدح نبينا صلى الله عليه وسلم فقال: (وإنك لعلى خلق عظيم)، وهذه أيضا أخلاق زايد المؤسس رحمه الله وأبناء زايد.


وفي جائحة كورونا ظهرت هذه الأخلاق الطيبة بوضوح وجلاء، فكم سمعنا من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، وهو يُذكر الإخوة المواطنين والمقيمين بكل لطف وكلام حسن، فعلينا أن نفخر بهذا التعامل الأخلاقي العظيم، وليست هذه الأخلاق متكلفة بل هي واقع نعيشه في الدولة، ومن تعدى حدوده وظلم الناس فالقانون له بالمرصاد، ونجد أن الناس يستنكرون صنيعه بمختلف شرائحهم، ولنقارن ما نعيشه بأحداث الشغب والعنف التي وقعت في الولايات المتحدة، فهذا شرطي أبيض يتعامل مع رجل أسود بوحشية وقسوة لا رحمة فيها أبدا، فيثور الناس ويحطمون المراكز التجارية وسيارات الشرطة، فهل نعجب من تصرف الشرطي الأرعن أم من تصرف الناس بهمجية كبيرة أثناء المظاهرات واعتداؤهم على الأبرياء والأموال والممتلكات؟

إن التقدم لا يمكن أن يقصر على الجانب التقني والصناعي، بل من أهم مقومات التقدم الرقي الأخلاقي والبعد الحضاري في السلوك البشري، فلو تفاخروا بجوانب من التقدم في العلوم والصناعات، فعلينا ألا نتغافل عن جوانب مشرقة وعظيمة موجودة في مجتمعاتنا، ونكف عن جلد الذات وكثرة نقد أنفسنا، وما أجمل أن نحرص على التقدم في الجوانب الأخرى أيضا، فنتعلم ونجتهد ونتثقف ونغرس هذه الجوانب المضيئة في نفوس أولادنا ذكورا وإناثا، متمسكين بهويتنا وتقاليدنا الجميلة، فتصل ثقافتنا إلى جميع العالم.