الخميس - 28 مارس 2024
الخميس - 28 مارس 2024

لماذا نفقد سلامنا الداخلي؟

ثمة رأي قوي متداول بكثرة، يردده المهتمون بجودة الحياة يقول: «أن السلام الداخلي يتحقق عند معايشة اللحظة الراهنة بكامل وعينا ويقظتنا، بدون التعلق بالماضي أو التفكير في المستقبل»، وهذا من وجهة نظري كلام سليم، لكن من الصعب جداً تطبيقه على أرض الواقع، لأن عملية الانفصال عن آلام الماضي ومخاوف المستقبل يمكن أن تحدث في صورة ومضات خاطفة، لنعود بعدها سريعاً إلى طبيعتنا البشرية المجبولة على الانشغال بالماضي والمستقبل.

فالإنسان يستطيع أن يطفئ عقله لثوانٍ قليلة، من خلال التشبث بلحظات قوية تستحوذ على كامل وعيه، مثل فرحة عارمة بإنجاز كبير يحققه، أو منافسة مثيرة مع خصم عنيد، أو شعور عاطفي غامر تجاه طرف ما، لكنه ما يلبث عقله أن يعود للعمل سريعاً، حتى تطفو الذكريات والمخاوف على سطحه من جديد.

وهل سألت نفسك يوماً عن سر شغف الكثير من المغامرين بتسلق الجبال العالية؟


قد تكون الدوافع كثيرة، لكن يأتي في مقدمتها ذلك الشعور الجميل بالانفصال عن كل المؤثرات المعتادة والتركيز الكامل على اللحظة الراهنة.


فالمغامر قبيل اقترابه من القمة ينفصل ذهنياً عن كل الأفكار التي تشغل باله في الظروف العادية، ويصب كامل تركيزه على الهدف الذي يسعى إلى تحقيقه.

لذلك يُقال إن الإنسان الذي يعيش حياة روتينية خالية من الإثارة، هو أكثر الناس فقداناً للسلام الداخلي، لأن حياته خالية من قوة التأثير، فنراه ينجرف مع ذكرى قادمة من الماضي، ومع كل قلق يلوح في المستقبل.